إشعار مستحقه بتوفيته عوضاً له ، بخلاف الثواب إذ يجب في الثواب مقارنة التعظيم ولا فائدة فيه إلا مع العلم به ، أمّا هنا فلأنّه منافع وملاذّ وقد ينتفع ويلتذّ من لا يعلم ذلك ، فما يجب إيصاله إلى المثاب (١) في الآخرة من الأعواض يجب أن يكون عالماً به من حيث إنّه مثاب لا من حيث إنّه معوض ، وحينئذ أمكن أن يوفّيه الله تعالى في الدنيا على بعض المعوضين غير المكلفين وأن ينتصف لبعضهم من بعض في الدنيا فلا تجب إعادتهم في الآخرة.

قال : ولا يتعين منافعُه (٢).

أقول : هذا حكم ثالث للعوض ، هو أنّه لا يتعين منافعه بمعنى أنّه لا يجب إيصاله في منفعة معينة دون أُخرى بل يصلح توفيته بكل ما يحصل فيه شهوة المعوض (٣) ، وهذا بخلاف الثواب لأنّه يجب أنّ يكون من جنس ما ألفه المكلف من ملاذّه كالأكل والشرب واللبس والمنكح لأنّه رغب به في تحمل المشاقّ ، بخلاف العوض فإنّا قد بينا أنّه يصحّ إيصاله إليه وإن لم يعلم أنّه عوض عما وصل إليه من الألم فصحّ إيصاله إليه بكل منفعة.

__________________

(١) المراد من المثاب صاحب المعوض لا المثاب المصطلح ، ثمّ الداعي لاعتبار الاستشعار في الثواب دون العوض هو تصوير دفع العوض إلى الحيوان ، مع عدم شعوره بالعوض.

ثمّ إنّ الشارح ذكر أنّ دفع العوض لغير المكلفين كالحيوانات لا يتوقف على المعاد ، بل يمكن أن يوفّيه الله تعالى في الدنيا على بعضهم ، نعم من لم يوفِّه ، يحشر ويعوّض كما قال سبحانه :

﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (التكوير : ٥).

(٢) الصحيح منافع ، والمقصود أنّ العوض لا يشترط أن يكون ممّا ألِفه المكلّف بخلاف الثواب ، ولذلك كان عوض الكافر إسقاط العذاب ، لا ما ألفه من الأكل والشرب.

(٣) الصحيح : المعوض له.

۳۰۸۱