تعالى من الظلم من لا عوض له في الحال يوازي ظلمه؟ فمنع منه المصنف رحمهالله ، وقد اختلف أهل العدل هنا ، فقال أبو هاشم والكعبي : إنّه يجوز ، لكنهما اختلفا :
فقال الكعبي : يجوز أن يخرج من الدنيا ولا عوض له يوازي ظلمه ، وقال : إنّ الله تعالى يتفضل عليه بالعوض المستحق عليه ويدفعه إلى المظلوم.
وقال أبو هاشم : لا يجوز بل يجب التبقية لأن الانتصاف واجب والتفضل ليس بواجب فلا يجوز تعليق الواجب بالجائز.
قال السيد المرتضى : إنّ التبقية تفضل أيضاً فلا يجوز تعليق الانتصاف بها فلهذا وجب العوض في الحال واختاره المصنف رحمهالله لما ذكرناه.
__________________
ـ كان ذلك مخالفاً لضرورة الحياة البشرية ، فإنّ كثيراً من الظالمين ماتوا أو قتلوا ولم يكن عندهم درهم حلال ولا عمل خير حتى ينقله سبحانه منهم إلى صحيفة المظلوم ، وقع القائلون بالوجوب في حيص وبيص فذكروا وجوهاً :
١ ـ قال الكعبي : إنّ الله يتفضل على الظالم بالعوض المستحق عليه ، ويدفعه إلى المظلوم.
٢ ـ قال أبو هاشم : تفضله سبحانه على الظالم أمر ليس بواجب ، فكيف يمكن أن يترتب عليه أمر واجب وهو الانتصاف؟ بل يجب عليه سبحانه أن يبقيه ويعمِّره حتى يكتسب عوضاً وينتقل إلى المظلوم.
٣ ـ أورد عليه السيد المرتضى بأنّ ما أشكل على الكعبي من أنّ التفضّل ليس بواجب وارد عليه أيضاً ، لأنّ التبقية أيضاً تفضّل لا يمكن أن يترتب عليه أمر واجب وهو الانتصاف. وحق المقال غير ما ذكراه ، إذ كيف يمكن أن يقال : إنّه يجب التفضل على الظالم مع انّه كافر جاحد أو منافق معاند ، وأمّا التبقية فيكذِّبها الحس والوجدان ، فلا محيص عن القول بأنّه يجب عليه سبحانه الأمر بإجراء الحدود في الدنيا ، أو تعذيبه في الآخرة ، ورفع درجة المظلوم فيها إذا كان أهلاً لذلك.