للمظلوم من الظالم واجب على الله تعالى عقلاً ، لأنّه هو المدبّر لعباده ، فنظره كنظر الوالد لوُلده فكما يجب على الوالد الانتصاف كذلك يجب عليه تعالى قياساً للغائب على الشاهد.

وقال آخرون منهم : إنّه يجب سمعاً لأن الوالد يجب عليه تدبير أولاده وتأديبهم ، أمّا الانتصاف بأخذ الأرش من الظالم ودفعه إلى المظلوم فلا نسلّم وجوبه عقلاً بل يحسن منا تركهم إلى أن تكمل عقولهم لينتصف بعضهم من بعض.

والمصنف رحمه‌الله اختار وجوبه عقلاً وسمعاً.

أمّا من حيث العقل : فلأنّ ترك الانتصاف منه تعالى يستدعي ضياع حق المظلوم لأنّه تعالى مكَّن الظالم وخلّى بينه وبين المظلوم مع قدرته تعالى على منعه ولم يمكّن المظلوم من الانتصاف فلولا تكفله تعالى بالانتصاف لضاع حق المظلوم وذلك قبيح عقلاً.

وأمّا من حيث السمع : فلورود القرآن بأنّه تعالى يقضي بين عباده ، ولوصف المسلمين له تعالى بأنّه الطالب ، أي الذي يطلب حق الغير من الغير.

قال : فلا يجوز تمكين الظالم من الظلم (١) من دون عوضٍ في الحال يوازي ظلمَه.

أقول : هذا تفريع على وجوب الانتصاف ، وهو أنّه هل يجوز تمكين الله

__________________

(١) لما حكم في البحث السابق بوجوب الانتصاف بمعنى أخذ العوض من الظالم ودفعه إلى المظلوم لزم منه عدم جواز تمكين الظالم من الظلم إذا لم يكن عند الظالم عوض يوازي ظلمه ، من مال حلال أو عمل خير ، وهذا من لوازم القول بوجوب الانتصاف ، ولما ـ

۳۰۸۱