قال : فإن كان المظلوم من أهل الجنة (١) فرَّق اللهُ تعالى أعواضه على الأوقات أو تفضَّل عليه بمثلها ، وإن كان من أهل العقاب أسقطَ بها جزءاً من عقابه بحيث لا يظهر له التخفيف بأن يُفرِّق الناقصَ على الأوقات.

أقول : لما بيّن وجوب الانتصاف ذكر كيفية إيصال العوض إلى مستحقه.

__________________

(١) السبب لعنوان هذا البحث هو التزامهم بخلوّ الجنّة عن الغمّ ، والجحيم عن الفرح ، وهذا يطلب لنفسه البحثَ عن كيفية انقطاع العوض عن أهل الجنّة على وجه لا يورِثُ الغمَّ ، ودفع العوض إلى أهل الجحيم على وجه لا يورث الفرحَ والسرورَ ولو لأجل إحساس خفة العذاب ، لكن الكلام في وجود الدليل على الالتزام بهما على هذا الحد.

وذكر الماتن في كيفية إعطاء العوض إذا كان المظلوم من أهل الجنة وجهين ، وإذا كان من أهل النار وجهاً واحداً :

إذا كان من أهل الجنّة وقلنا إنّ العوض دائم فلا بحث ، إنّما الكلام إذا كان العوض منقطعاً فهنا وجهان :

١ ـ يفرِّق الله أعواضه على الأوقات ، على وجه إذا انقطع العوضُ لا يدرك انقطاعه لقلته جداً لأجل التوزيع على مدّة طويلة لا قصيرة.

٢ ـ يتفضل عليه بمثلها.

وإذا كان من أهل النار والمفروض أنّ العوض منقطع فالذي أجاب به الماتن نفس الجواب الأوّل المذكور في حق أهل الجنّة ، قال : كما أنّه سبحانه يفرق أعواض أهل الجنّة على أوقاتهم حتى لا يلزم الألم في الجنّة لأجل الانقطاع فهكذا في المقام ، يجعل العوض إسقاط جزء من عذابه لكن مفرَّقاً على أوقاته ، وبما أنّ العوض كان مفرقاً وقليلاً لأجل التفريق ، لا تظهر له الخفة مطلقاً حتى بعد الانقطاع ، وإليه أشار الماتن بقوله : «اسقط بها ـ

۳۰۸۱