المقتضي لاستناد الفعل في الحقيقة إلى الملجئ ، ولهذا يحسن ذمّه دون الملجأ ؛ وبأنّ العوض لو كان عليه تعالى لما حسن منعها عن الأكل.
والجواب عن الأوّل : أنّه لا دلالة في الحديث على أنّه تعالى ينتصف للجماء بأن ينقل أعواض القرناء إليها ، وهو يصدق بتعويض الله تعالى إياها ، كما أنّ السيّد إذا غرم ما أتلفه عبده يقال قد أنصف المظلوم من عبده ، مع أنّه يحتمل المجاز بتشبيه الظالم لتمكنه من الظلم بالقرناء والمظلوم بالجماء لضعفه.
وعن الثاني : أن المراد انتفاء القصاص.
وعن الثالث : بالفرق فإنّ القاتل ممنوع من القتل وعنده اعتقاد عقلي يمنعه عن الإقدام عليه ، فلهذا لم نقل بوجوب العوض على صانع السيف بخلاف السبع.
وعن الرابع : أنّه قد يحسن المنع عن الأكل إذا كان لذلك المنع وجه حسن ، كما أنّه يحسن منا منع الصبيان عن شرب الخمر ومنع المعاقب عن العقاب.
قال : بخلاف الإحراق عند الإلقاء في النار (١) والقتلِ عند شهادةِ الزور.
__________________
(١) لما تقدم في البحث السابق أنّ العوض في إنزال الآلام والمضارّ على الله سبحانه ، لزم منه ـ حسب الظاهر ـ أن يكون العوض عند الإلقاء في النار ، والقتل عند شهادة الزور ، عليه سبحانه أيضاً ، لأنّ الألم بالنار فعله سبحانه والقاضي منصوب من جانبه سبحانه وهو الموجب عليه القتلَ مباشرة أو تسبيباً.
أجاب ما هذا توضيحه : بأنّ المباشر أقوى في الصورة الأُولى ، بخلاف الصورة الثانية ، فإنّ السبب أعني الملقي ، أو شاهد الزور أقوى من المباشر ، فلولا إلقاؤه أو شهادته لما كان هناك إحراق ولا قتل.