اللطف عن هذه الأشياء ، ولما كانت الآلام تستلزم الأعواض وجب البحث عنها أيضاً.

البحث الثاني : اختلف الناس في قبح الألم وحسنه ، فذهبت الثنوية إلى قبح جميع الآلام ، وذهبت المجبرة إلى حسن جميعها من الله تعالى ، وذهبت البكرية وأهل التناسخ والعدلية إلى حسن بعضها وقبح الباقي.

البحث الثالث : في علّة الحسن ، اختلف القائلون بحسن بعض الألم في وجه الحسن :

فقال أهل التناسخ : إنّ علة الحسن هي الاستحقاق لا غير ، لأنّ النفوس البشرية إذا كانت في أبدان قبل هذه الأبدان وفعلت ذنوباً استحقت الألم عليها ، وهذا أيضاً قول البكرية.

وقالت المعتزلة أنّه يحسن عند شروط :

أحدها : أن يكون مستحقاً.

وثانيها : أن يكون فيها نفع عظيم يوفى عليها.

وثالثها : أن يكون فيها دفع ضرر أعظم منها.

ورابعها : أن يكون مفعولاً على مجرى العادة ، كما يفعله الله تعالى بالحيّ إذا ألقيناه في النار.

وخامسها : أن يكون مفعولاً على سبيل الدفع عن النفس ، كما إذا آلمنا من يقصد قتلنا ، لأنّا متى علمنا اشتمال الألم على أحد هذه الوجوه حكمنا بحسنه قطعاً.

قال : ولا بد في المشتمِل على النفع من اللطف.

أقول : هذا شرط لحسن الألم المبتدأ الذي يفعله الله تعالى لاشتماله على

۳۰۸۱