نفع المتألم ، وهو كونه مشتملاً على اللطف إمّا للمتألم أو لغيره ، لأن خلوّ الألم عن النفع الزائد الذي يختار المولم معه الألم يستلزم الظلم ، وخلوّه عن اللطف يستلزم العبث وهما قبيحان فلا بد من هذين الاعتبارين في هذا النوع من الألم ، وهنا اختلف الشيخان (١) :

فقال أبو علي : إنّ علة قبح الألم كونه ظلماً لا غير ، فلم يشترط هذا الشرط.

وقال أبو هاشم : إنّه يقبح لكونه ظلماً أو لكونه عبثاً ، فأوجب في الأمراض التي يفعلها الله تعالى في الصبيان مع الأعواض الزائدة اشتمالها على اللطف لمكلف آخر ، ولهذا يقبح منا تخليص الغريق بشرط كسر يده (٢) واستيجار من ينزح ماء البئر ويقذفه فيها لغير غرض مع توفية الأجرة.

ويمكن الجواب هنا لأبي علي بما ذكرناه في كتاب نهاية المرام.

__________________

(١) المراد أبو علي الجُبّائي وابنه أبو هاشم من شيوخ الاعتزال في أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع ، واختلفت كلمتهم في الإيلام الابتدائي كآلام الأطفال ، فاكتفى الوالد في جوازه بعدمِ كونه ظلماً ، وهو يتحقق بالعوض يوم القيامة ، وذهب الولد بأنّ انتفاء الظلم غير كاف ما لم يشتمل على شيء زائد كالاعتبار واللطف وإلّا يلزم العبث ، وإلى اختلافهم أشار الشهرستاني بعبارة موجزة وقال : «اختلف أبو علي وأبو هاشم في نقل الألم للعوض ، فقال أبو علي : يجوز ذلك ابتداء لأجل العوض ، وعليه بنى آلام الأطفال ، وقال ابنه : إنّما يحسن ذلك بشرط العوض والاعتبار جميعاً».

(٢) فإنّ نجاته من الغرق وإن كان أكثر نفعاً من إيراد الضرر عليه بكسر يده ، لكن الكسر أيضاً قبيح ، ومثله المثال الثاني فإنّ اعطاء الأُجرة كاملة وإن كان يرفع الظلم لكنّه عمل عبث ، ولو كان الغرض الإحسان ، ففي وسعه ، دفعُه بلا طلب عمل.

۳۰۸۱