أمّا المورد الأول : فقد اتضح مما سردناه في المقام جواز البقاء على تقليد الميت عند العلم بموافقته مع الحي ، لأن الإطلاقات تشمل حينئذ فتوى كل من الحي والميت كما أنها تشمل كل حجتين متوافقتين كالبينتين الموافقتين في المفاد أو الروايتين المتحدتين في المدلول ، وإنما منعنا عن شمولها لهما عند العلم بمخالفتهما في الفتوى للتعارض المفروض عدمه في المقام ، ومع شمول أدلة الاعتبار فتوى كليهما لا موجب للمنع عن جواز البقاء على تقليد الميت بوجه.

وأمّا المورد الثاني : فالتحقيق أن الحجة لا دليل على لزوم الاستناد إليها في مقام الامتثال والوجه فيه أن الأثر المترتب على الحجية أمران :

أحدهما : تنجيز الواقع.

ثانيهما : التعذير عن مخالفته.

أمّا المنجزية ، فلم يناقش شيخنا الأستاذ قدس‌سره ولا غيره في أن الواقع إنما يتنجز بوجود الحجة ، وكونها في معرض الوصول بحيث لو فحص عنها المكلف لظفر بها ، ولا يتوقف كونها منجزة بعلم المكلف بها فضلا عن استناده إليها ، فإنها منجزة للواقع علم بها المكلف أم لم يعلم ، بحيث لو لم يعمل على طبقها استحق العقاب على مخالفة التكليف المنجّز في حقه بقيام الحجة عليه ، ومن ثمة قلنا بوجوب الفحص في الشبهات الحكمية لأن احتمال وجود الحجة في الواقع على نحو لو فحص عنها ظفر بها كاف في تنجز الواقع واستحقاق العقاب على مخالفته ، لوضوح أن العقاب مع كون الحجة في معرض الوصول ليس عقابا بلا بيان وإنما هو من العقاب مع البيان.

وأما التعذير فالأمر فيه أيضا كسابقه ، لأنا إذا منعنا عن البقاء على تقليد الميت ووجب على العامّي أن يراجع الحي وكان فتواهما على إباحة فعل وهو واجب واقعاً وتركه المكلف لا عن استناد إلى فتوى الحي بالإباحة بل لاشتهاء نفسه ورغبته مع العلم بقيام الحجة على الإباحة ، فهل يصح عقابه على مخالفته الواقع أو أن العلم بقيام الحجة على الإباحة يكفي في جواز الارتكاب وإن لم يستند إليها في مقام العمل؟

لا ينبغي التردد في عدم صحة عقابه لأنه بلا بيان بل هو من العقاب مع بيان العدم وهو أقبح من العقاب من دون بيان ، نعم إذا لم يعلم بافتائهما على الإباحة وتركه‌

۳۷۹