الميسور للمكلف ، وهذا هو التخيير في مقام الامتثال لا أنه من التخيير في المسألة الأصولية لمكان حجية إحداهما شرعا.

وأمّا الصورة الثانية : أعني ما إذا علمنا أعلمية أحدهما ، فالمتعين هو الرجوع إلى أعلمهما سواء كان هو الميت أم الحي ، وذلك لأن الإطلاقات وإن لم تشمل شيئا من فتواهما للمعارضة ، إلاّ أن السيرة العقلائية قد جرت على الرجوع إلى الأعلم من المتعارضين بلا فرق في ذلك بين الأعلم الحي والميت ، ولم يردع عنها في الشريعة المقدّسة. إذن لا مناص في المقام من التفصيل بين ما إذا كان الميت أعلم من الحي فيجب البقاء على تقليده ، وما إذا كان الأعلم هو الحي فلا يجوز البقاء على تقليد الميت.

هذا إذا لم تجر سيرة العقلاء على العمل بالاحتياط عند العلم بأعلمية أحد المجتهدين المتخالفين في الفتوى ، أو لم نحرز سيرتهم وإلاّ فالمتعين هو العمل على طبق الاحتياط ، هذا إذا علمت المخالفة بينهما أو لم تعلم.

وأما لو علمنا بموافقة المجتهد الميت مع الحي فلا يترتب أثر عملي على البحث عن جواز البقاء على تقليد الميت ، لوضوح أن العمل الصادر على طبق الفتويين محكوم بالصحة مطلقا ، قلنا بجواز البقاء على تقليد الميت أم لم نقل. اللهُمَّ إلاّ على القول بوجوب الاستناد إلى الحجة في مقام الامتثال ، كما ذهب إليه شيخنا الأستاذ قدس‌سره حيث ذكر أن الحجج لا يكاد تتصف بالحجية بوجودها الخارجي وإنما تكون الحجة حجة فيما إذا استند إليها المكلف في عمله (١). وعليه لو قلنا بجواز البقاء على تقليد الميت جاز الاستناد إلى فتواه لا محالة ، بحيث لو استندنا إليها وكان الحكم الواقعي على خلافها لم نستحق العقاب على مخالفته لاستنادنا إلى الحجة على الفرض كما إذا لم نقل بجواز البقاء لم يجز الاستناد إلى فتوى الميت لعدم كونها معذّرة وحجة على الفرض وعلى ذلك ينبغي التكلم في موردين :

١ جواز البقاء على تقليد الميت عند العلم بموافقته مع الحي.

٢ أن الاستناد إلى الحجة أمر لازم أو لا دليل على لزومه.

__________________

(١) أجود التقريرات ٢ : ٧٠.

۳۷۹