اللاّزم من الإعادة أو القضاء لا يختص به ، إذ قد يلزم الحرج في موارد انكشاف الخلاف بالعلم الوجداني ، فالنسبة بين موردي الكلام والقاعدة عموم من وجه لأن انكشاف الخلاف قد يكون بالحجة التعبدية ولا تكون الإعادة أو القضاء حرجياً بوجه ، وقد يكونان حرجيين ولا يكون الانكشاف بالحجة التعبدية بل بالعلم الوجداني كما عرفت ، وقد يكون الانكشاف بالحجة التعبدية وتكون الإعادة أو القضاء أيضاً حرجياً. والمتحصّل أن الاستدلال بالقاعدة على عدم وجوب الإعادة أو القضاء في مطلق موارد انكشاف الخلاف غير وجيه.

ومنها : دعوى الإجماع على أن العمل المأتي به على طبق الحجة الشرعية لا تجب إعادته ولا قضاؤه إذا قامت حجة أُخرى على خلافها. نعم ، لا إجماع على الإجزاء في الأحكام الوضعية عند بقاء موضوعها إلى ظرف الحجة المتأخرة ، كما إذا ذبح حيواناً بغير الحديد لجوازه على رأي مقلده ، ثمّ عدل إلى فتوى من لا يرى جوازه والذبيحة بحالها ، أو أنه اشترى داراً بالمعاطاة ولا يرى المجتهد الثاني انعقاد البيع بها لاشتراطه الصيغة في صحته ، إلى غير ذلك من الموارد.

والجواب عن ذلك : أن الإجماع المدعى لو كان محصّلاً لم نكن نعتمد عليه لما يأتي بيانه ، فما ظنك بما إذا كان إجماعاً منقولاً بالخبر الواحد وسرّه أن تحصيل الإجماع في المسألة دونه خرط القتاد ، إذ كيف يمكن استكشاف قوله عليه‌السلام في المقام ولم يتعرض أكثر الأصحاب للمسألة ولم يعنونوها في كلماتهم.

هذا على أنّا لو سلّمنا اتفاقهم ، أيضاً لم يمكننا الاعتماد عليه لأنّا نعلم أو نظن ولا أقل من أنّا نحتمل استنادهم في ذلك إلى بعض الوجوه المستدل بها في المقام ومعه لا يكون الإجماع تعبدياً كاشفاً عن قوله عليه‌السلام.

ومنها : السيرة المتشرعية ، بدعوى أنها جرت على عدم لزوم الإعادة أو القضاء في موارد العدول والتبدل في الاجتهاد ، حيث لا نستعهد أحداً يعيد أو يقضي ما أتى به من العبادات طيلة حياته إذا عدل عن رأيه أو عن فتوى مقلده ، وحيث لم يردع عنها في الشريعة المقدسة فلا مناص من الالتزام بالاجزاء وعدم وجوب الإعادة أو القضاء عند قيام حجة على الخلاف.

۳۷۹