الأمر كذلك ، استحال أن يكون الحجة المتأخرة والحادثة موجبة لانقلاب الأعمال المتقدمة عليها بزمان ، وهي الأفعال الصادرة على طبق الحجة السابقة حتى بناءً على الطريقية.

نعم ، هي إنما تكون مؤثرة بالإضافة إلى الأفعال الّتي يصدرها المكلف بعد اتصاف الثانية بالاعتبار ، لأنها لو لم تكن مطابقة معها بطلت ، أمّا الأعمال الصادرة قبل اتصافها بالحجية فلا يعقل أن تكون مؤثرة فيها بوجه ، لأن حجيتها حادثة وليست منها عين ولا أثر في ظرف صدور الأعمال المتقدمة كما مرّ ، بل قد يكون الموضوع للحجة المتأخرة ، وهو المجتهد المفتي ببطلان الأعمال المتقدمة غير متولد في تلك الأزمنة أو لو كان لم يكن مجتهداً أو كان ولم يكن بأعلم ، ومعه كيف تكون فتواه المتأخرة وجوداً وحجيةً موجبة لقلب الأعمال السابقة عليها بزمان لتجب إعادتها أو قضاؤها ، لأن الإعادة أو القضاء وإن كانا من الأُمور المتأخرة عن الحجة الثانية إلاّ أنهما من لوازم بطلان الأعمال المتقدمة ، ولا يعقل أن يكون الملاك المؤثر في بطلانها أي الأعمال السابقة مخالفتها للحجة المتأخرة ، إذ قد عرفت عدم إمكان تأثير المتأخر في المتقدم ، بل الملاك مخالفتها للحجة السابقة والمفروض عدمها. وعليه لا مناص من الالتزام في الأحكام التكليفية أيضاً بالاجزاء.

ثمّ إن هذا البيان الّذي حررناه في تقريب الإجزاء في الأحكام التكليفية ، يأتي في الأحكام الوضعية بعينه ، إلاّ أنها تمتاز عن التكليفية بالوجه السابق الّذي قرّبناه بما لا مزيد عليه لأنه لا يأتي في التكليفية وهو ظاهر. هذه خلاصة ما أفاده قدس‌سره في الموضعين بتوضيح منّا في تقريبه (١).

والجواب عن ذلك ، أمّا في الأحكام الوضعية فلأنها وإن كانت تابعة للمصالح في جعلها ، ولا واقع لها إلاّ أنفسها كما حققه قدس‌سره ولا يتصوّر فيها انكشاف الخلاف بعد تحققها ، إلاّ أن الكلام في أنها هل تحققت من الابتداء أم لم تتحقق ، وأن المعاطاة الصادرة في الزمان المتقدم هل أفادت الملكية أم لا ، حيث إن المكلف بعد سقوط الحجة السابقة عن الحجية واتصاف الثانية بها وهي الّتي تدل على أن‌

__________________

(١) حاشية المكاسب ( الأصفهاني ) : ٧٤.

۳۷۹