معنى لانكشاف الخلاف في الحجية وإنما التبدل تبدل في الموضوع كما عرفت.

إلاّ أن الإجزاء في محل الكلام لا يكاد يترتب على الدعوى المذكورة بوجه ، وذلك لأن قيام الحجة الثانية وإن كان لا يستكشف به عن عدم حجية الاجتهاد الأول مثلاً في ظرفه ، إلاّ أن مقتضاها ثبوت مدلولها في الشريعة المقدسة من الابتداء لعدم اختصاصه بعصر دون عصر. إذن العمل المأتي به على طبق الحجة السابقة باطل ، لأنه مقتضى الحجة الثانية ومعه لا بدّ من إعادته أو قضائه.

واحتمال المخالفة مع الواقع وإن كان تشترك فيه الحجتان إلاّ أن هذا الاحتمال يلغى في الحجة الثانية حسب أدلّة اعتبارها ، ولا يلغى في الأُولى لسقوطها عن الاعتبار ، ومجرد احتمال المخالفة يكفي في الحكم بالإعادة أو القضاء لأنه لا مؤمّن معه من العقاب وحيث إن العقل مستقل بلزوم تحصيل المؤمّن فلا مناص من الحكم بوجوب الإعادة على طبق الحجة الثانية ، لأن بها يندفع احتمال الضرر بمعنى العقاب ، هذا كلّه في الإعادة.

وأمّا القضاء فهو أيضاً كذلك ، لأن مقتضى الحجة الثانية أن ما أتى به المكلف على طبق الحجة السابقة غير مطابق للواقع ، فلا بدّ من الحكم ببطلانه ومعه يصدق فوت الفريضة وهو يقتضي وجوب القضاء ، وعلى ذلك لا بدّ من الحكم بعدم الاجزاء في موارد التبدل في الرأي أو موت المجتهد والرجوع إلى مجتهد آخر ، بلا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات بالمعنى الأخص أو المعاملات بالمعنى الأعم ، ولا بين الأحكام التكليفية والأحكام الوضعية.

ومنها : ما استدل به بعض مشايخنا المحققين قدس‌سرهم حيث ذهب إلى الاجزاء وعدم انتقاض الآثار السابقة في أمثال المقام ، واستدل على ذلك في كل من الأحكام التكليفية والوضعية بوجه ، وحاصل ما ذكره في رسالة الاجتهاد والتقليد (١) وفي تعليقته على المكاسب في مسألة ما إذا اختلف المتعاقدان اجتهاداً أو تقليداً في شروط الصيغة :

__________________

(١) رسالة في الاجتهاد والتقليد ( الأصفهاني ) : ١٨٨.

۳۷۹