ويردّه : أن صاحب الوسائل وإن عنون الباب كذلك إلاّ أنه لم ينقل في ذلك الباب رواية تدلنا على اشتراط الأعلمية في القاضي فلاحظ.

نعم ، ورد في بعض الروايات ذم من دعا الناس إلى نفسه وفي الأُمّة من هو أعلم منه ، كما ورد ذم من يفتي عباد الله وفي الأُمة من هو أعلم منه (١) إلاّ أن هاتين الروايتين مضافاً إلى ضعفهما من حيث السند أجنبيتان عن محل الكلام ، لأن أولاهما راجعة إلى ذم من ادعى الخلافة وفي الناس من هو أعلم منه ، وهو أمر لا شبهة فيه ، والثانية راجعة إلى اشتراط الأعلمية في باب التقليد ، فلا ربط لهما بالمقام ، هذا مضافاً إلى السيرة القطعية الجارية بين المتدينين على الرجوع في المرافعات إلى كل من الأعلم وغير الأعلم ، لعدم التزامهم بالرجوع إلى خصوص الأعلم.

ودعوى : أن المتشرعة لم يعلم جريان سيرتهم على الرجوع في المرافعات إلى غير الأعلم ، لأنه من المحتمل أن يكون كل من أرجع إليه الإمام عليه‌السلام في موارد الترافع هو الأعلم ولو في بلده.

مندفعة بأن هذه الدعوى لو تمت فإنما تتم في القضاة المنصوبين من قبله عليه‌السلام نصباً خاصاً ، وأما المنصوبون بالنصب العام المدلول عليه بقوله « انظروا إلى رجل روى حديثنا » ونحوه فليس الأمر فيهم كما ادعى يقيناً للعلم الخارجي بأنهم في الرجوع إلى تلك القضاة لا يفرّقون بين الأعلم وغيره. بل كما أنهم يراجعون الأعلم يراجعون غير الأعلم.

إذن لم يدلنا في الشبهات الموضوعية أي دليل على اشتراط الأعلمية في باب القضاء.

وأما الشبهات الحكمية : كما إذا كان منشأ النزاع هو الاختلاف في الحكم الشرعي كالخلاف في أن الحبوة للولد الأكبر أو أنها مشتركة بين الوراث بأجمعهم ، أو اختلفا في ملكية ما يشترى بالمعاطاة نظراً إلى أنها مفيدة للملكية أو للإباحة أو أنها مفيدة للملك اللاّزم أو الجائز فيما إذا رجع عن بيعه ، فالنزاع في أمثال ذلك قد ينشأ عن‌

__________________

(١) راجع ص ١٥٠.

۳۷۹