من الربع المسكون ، فإن الولاية كالخلافة فلا بدّ فيها من الرجوع إلى الأعلم من جميع النقاط والقيام بها أمر خارج عن طوقه ، كما أن المراجعة من أرجاء العالم في الأُمور الحِسبية إلى شخص واحد في مكان معيّن من البلدان غير ميسورة للجميع.

على أن الأعلمية المطلقة لو كانت معتبرة في الولاية بالمعنى المتقدم لكان من اللاّزم أن يشار إلى اعتبارها في الأخبار الواردة عنهم عليهم‌السلام ولوصل إلينا يداً بيد واشتهر وذاع ، ولم يرد أدنى إشارة إلى اعتبارها في الروايات ولم يلتزم به الأصحاب قدس‌سرهم فاعتبار الأعلمية المطلقة غير محتمل بتاتاً.

وأما الأعلمية الإضافية كأعلم البلد وما حوله من النقاط الّتي يمكن الرجوع منها إلى ذلك البلد في تلك الأُمور ، فالمشهور بين الأعلام أيضاً عدم اعتبارها في الولاية بل ادعي ظهور الإجماع عليه في بعض الكلمات. إلاّ أن الصحيح هو القول بالاعتبار وذلك لعين ما قدّمناه في اشتراط إذن الفقيه في التصدي للأُمور الحِسبية ، وحاصل ما ذكرنا في وجهه أن مقتضى القاعدة عدم نفوذ تصرف أحد في حق غيره للاستصحاب أو أصالة الاشتغال كما مرّ. إلاّ أن الأُمور المذكورة لما لم يكن بدّ من تحققها في الخارج وكان من الضروري أن يتصرف فيها متصرف لا محالة ، دار الأمر بين أن يكون المتصرف النافذ تصرفه فيها أعلم البلد وأن يكون غيره من الفقهاء والأعلم الإضافي هو القدر المتيقن ممن يحتمل جواز تصرفه في تلك الأُمور.

وكذلك الحال في التصرف في سهم الإمام عليه‌السلام لأنه وإن كان معلوم المالك وهو الإمام عليه‌السلام إلاّ أنه من جهة عدم التمكن من الوصول إليه ملحق بمجهول المالك نظير سائر الأموال المعلوم مالكها فيما إذا لم يمكن الوصول إليه ، وقد تقدم أن القدر المتيقن ممن يجوز تصرفاته في تلك الموارد هو الأعلم إما مطلقاً كما في سهم الإمام عليه‌السلام وغيره مما لا مانع من الرجوع فيه إلى الأعلم مطلقاً وإما بالإضافة إلى البلد كما في الولاية ، لعدم التمكن فيها من الرجوع إلى الأعلم المطلق كما مرّ. فعلى ما بيّناه اعتبار الأعلمية الإضافية لو لم يكن أقوى في المسألة فلا ريب أنه أحوط ، هذا كلّه في اعتبار الأعلمية في غير القضاء من الولايات.

أما المقام الثاني : وهو اعتبار الأعلمية في القضاء فيقع الكلام فيه في الشبهات‌

۳۷۹