ومن جملة الموارد الّتي تجري فيها أصالة الاشتغال ويتوقف التصرف فيها على إذن الفقيه هو التصرف في سهم الإمام عليه‌السلام لأنه مال الغير ولا يسوغ التصرف فيه إلاّ بإذنه. فإذا علمنا برضاه بالتصرف فيه ، وعدم وجوب دفنه أو إلقائه في البحر أو توديعه عند الأمين ليودعه عند أمين آخر وهكذا إلى أن يصل إلى الإمام عليه‌السلام عند ظهوره وذلك لأنه ملازم عادي لتفويته ولا يرضى عليه‌السلام به يقيناً ، وقع الكلام في أن المتصرف في سهمه عليه‌السلام بصرفه في موارد العلم برضاه هل هو الفقيه الجامع للشرائط أو غيره ، ومقتضى القاعدة عدم جواز التصرف فيه إلاّ بإذنه ، والمتيقن ممن نعلم برضاه عليه‌السلام وإذنه له في التصرف فيه ، هو الفقيه الجامع للشرائط ، لعدم احتمال إذن الشارع لغير الفقيه دون الفقيه.

وأما إذا كان الأصل الجاري في تلك الأُمور أصالة البراءة ، كما في الصلاة على الميت الّذي لا ولي له ولو بالنصب من قبل الإمام عليه‌السلام فإن الصلاة على الميت المسلم من الواجبات الكفائية على كل مكلّف ، ومع الشك في اشتراطها بإذن الفقيه نتمسك بالبراءة ، لأنها تقتضي عدم اشتراطها بشي‌ء ، ومع جريان أصالة البراءة لا نحتاج إلى الاستيذان من الفقيه.

وعلى الجملة : الولاية بعد ما لم تثبت بدليل وجب الرجوع في كل تصرف إلى الأصل الجاري في ذلك التصرف وهو يختلف باختلاف الموارد ، والاحتياج إلى إذن الفقيه إنما هو في موارد تجري فيها أصالة الاشتغال.

وبعد ما عرفت ذلك لا بدّ من التكلّم في أن الولاية بالمعنى المتقدم أعني جواز تصرفات الفقيه ونفوذها ، وتوقف تصرّف الغير على إذنه هل يشترط فيها الأعلمية أو أنها ثابتة لمطلق الفقيه؟

فنقول : أما الأعلمية المطلقة الّتي هي المعتبرة في باب التقليد فلا يحتمل اعتبارها في المقام ، فإن لازم ذلك أن تكون الولاية على مجهول المالك ومال الغيّب والقصّر من المجانين والأيتام والأوقاف الّتي لا متولي لها والوصايا الّتي لا وصي لها وغيرها من الأُمور الحِسبية في أرجاء العالم كلّه راجعة إلى شخص واحد ، ومن المستحيل عادة قيام شخص واحد عادي للتصدي بجميع تلك الأُمور على كثرتها في الأماكن المختلفة‌

۳۷۹