إعادة صلاته أو قضاؤها لحديث لا تعاد (١) حتّى فيما إذا كان عمله على خلاف فتوى كل من المجتهد السابق والمجتهد الّذي يجب أن يقلّده بالفعل ، كما إذا أفتى كلاهما بوجوب السورة مثلاً.

وعلى الجملة أن محل النزاع هو ما إذا كان النقص الواقع في العمل مستلزماً للبطلان كما إذا كان في الأركان ، وأمّا موارد فقدان العمل لجزء أو شرط غير ركني لا يبطل العمل بتركه إذا كان مستنداً إلى الحجة ، فهي أجنبية عن محلّ الخلاف. نعم خروج تلك الموارد إنما هو على مسلكنا من أن حديث لا تعاد لا يختص الناسي فحسب ، بل يعمّ الجاهل القاصر إذا كان عمله مستنداً إلى حجة شرعية مخالفة للواقع. وأمّا بناءً على عدم شموله الجاهل كما ذهب إليه شيخنا الأستاذ قدس‌سره وأصرّ على اختصاص الحديث بالناسي فحسب (٢) فهي أيضاً مندرجة في محل الكلام‌

__________________

(١) وهو صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لا تعاد الصّلاة إلاّ من خمسة : الطهور والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود » وسائل الشيعة ١ : ٣٧١ / أبواب الوضوء ب ٢ ح ٨.

(٢) وذكر في وجه ذلك ما حاصله : أن مورد النفي والإثبات في الصحيحة إنما هو الإعادة كما ترى فهي إنما تدل على نفي وجوب الإعادة عمّن هو مأمور بالإعادة امتناناً وهو الناسي لا غيره ، لعدم إمكان تكليفه بالواقع نفسه ، فناسي السورة مثلاً لا يكلف بإتيانها ولا يمكن أن يوجّه عليه الأمر بقراءتها لفرض نسيانها وإنما يكلّف بالإعادة فيقال له : أعد صلاتك أو لا تعدها. ففي هذه الموارد ينفى وجوب الإعادة عن الناسي في الصلاة للحديث. وأما الجاهل القاصر فهو قد أخل بما أخل به وتركه معتمداً لاجتهاده أو فتوى مقلده ، ومن الواضح أن تارك السورة متعمداً لجهله بوجوبها إنما يكلّف بإتيان الواقع نفسه ، لا أنه يكلف بإعادته فيقال له : اقرأ السورة ، لما هو الصحيح المقرر عندنا من أن الأحكام الواقعية مشتركة بين العالمين والجاهلين ولا يقال له أعد صلاتك. ومع كونه مكلفاً بالإتيان بنفس الواجب والواقع لا يكلف بالإعادة لينفي عنه وجوبها. إذن يختص الحديث بالناسي فحسب ، ولا يمكن التمسك به في الجاهل القاصر [ كتاب الصلاة ٣ : ٥ ] هذا.

وما أفاده قدس‌سره لا يمكننا المساعدة عليه وذلك لأن كون الجاهل مكلفاً بنفس الواقع وإن كان صحيحاً كما أُفيد ، إلاّ أن ذلك إنما هو فيما أمكن التدارك في حقه ، لا فيما لم يتمكن من تداركه ، مثلاً إذا ترك السورة في صلاته لعدم وجوبها عنده فدخل في الركوع وقامت الحجة وقتئذٍ على وجوب السورة في الصلاة ، لم يكلف بإتيان الواقع نفسه لعدم تمكنه من التدارك ، لأنه قد دخل الركن ومضى محلّ السورة ، بل لا بدّ من إيجاب الإعادة عليه فيقال له : أعد أو لا تعد ولا

۳۷۹