عليه الماتن إنما هو بحسب الحكم الواقعي لوضوح أن مع فساد المعاملة واقعاً من طرف المشتري مثلاً لا معنى لصحتها من طرف البائع كما لا معنى لفسادها من أحد الطرفين مع صحتها من أحدهما. إلاّ أن كلامنا إنما هو إذا رأى أحدهما بطلان المعاملة بحسب الحكم الظاهري الثابت عنده بالتقليد أو الاجتهاد ، ورأى الآخر صحتها ظاهراً كذلك ، وليس محل الكلام ما إذا صحت المعاملة أو فسدت عند أحدهما واقعاً ولا تلازم بين الفساد من طرف ظاهراً وبين الفساد من الجانب الآخر.

فالصحيح بناءً على الطريقية في باب الأمارات دون السببية والموضوعية أن يلتزم بصحة المعاملة عند القائل بالصحة وفسادها عند القائل بالفساد في مرحلة الظاهر ، لقيام الطريق على الصحة عند أحدهما وعلى الفساد عند الآخر ، فلا مناص من أن يعمل كل منهما حسبما تقتضيه الوظيفة الظاهرية وما أدت إليه الأمارة القائمة عنده ، والتفكيك والاختلاف بين المتلازمين في مرحلة الظاهر أمر لا محذور فيه فنلتزم بأن المبيع مثلاً خرج عن ملك البائع ظاهراً وأنه المالك للثمن ، كما نلتزم بأن الثمن باق على ملك المشتري وأن المثمن غير داخل في ملكه بحسب الظاهر.

نعم ، هذا يؤدي إلى الاختلاف والنزاع بين المتعاملين فيرجع فيه إلى حكم الحاكم ويعمل على طبق الموازين المقررة في باب القضاء ، وإلاّ فالبائع مالك للثمن ويجوز له أخذه من المشتري ولو حيلة ، ولا وجه معه للحكم بالصحة ولا للحكم بالفساد من كلا الجانبين.

نعم ، ما ذهب إليه الماتن قدس‌سره من الحكم بالفساد في كلا الطرفين إنما يتم بناءً على ما لا يلتزم به هو قدس‌سره ولا غيره من المحققين من القول بالسببية والموضوعية في باب الطرق ، وذلك لأنّا إذا التزمنا بانقلاب الواقع عند قيام الأمارة على الخلاف كانت الصحة عند القائل بها والفساد عند الآخر حكماً واقعياً حسبما أدت إليه الأمارة القائمة عندهما ، فليس هناك حينئذٍ حكم ظاهري ليجوز التفكيك بين المتعاملين بحسب الصحة والفساد. فإذا فرضنا أن الحكم الواقعي هو الفساد وكانت الأمارة القائمة عند أحدهما على صحة المعاملة مستلزمة لقلب الواقع وتبدل الفساد بالصحة واقعاً ، والحكم بالصحة في أحد الطرفين واقعاً لا يجتمع مع الحكم بالفساد‌

۳۷۹