ويرد عليه : أن رواية عمر بن حنظلة ضعيفة السند كما مرّ غير مرة وإن كانت الرواية متلقاة عند الأصحاب بالقبول ومن ثمة سميت بالمقبولة ، وكذلك الحال في التوقيع الشريف فإن في سنده إسحاق بن يعقوب ومحمد بن محمد بن عصام ولم تثبت وثاقتهما. نعم ، محمد بن محمد شيخ الصدوق قدس‌سره إلاّ أن مجرد الشيخوخة لمثله لا يقتضي التوثيق أبداً.

هذا مضافاً إلى إمكان المناقشة في دلالته ، فإن الإرجاع إلى رواة الحديث ظاهره الإرجاع إليهم بما هم رواة لا بما أنهم مجتهدون ، والنسبة بين الراوي والمجتهد عموم من وجه ، وإن كان يمكن إطلاق الرواة على المجتهدين بعناية أنهم في الحقيقة رواة الأئمة عليهم‌السلام ومستفيدين من آثارهم وعلومهم وليسوا في عرضهم بوجه إلاّ أنه إطلاق مسامحي ، ولا يقاس هذا بالإرجاع إلى آحاد الرواة كالارجاع إلى محمد بن مسلم أو يونس بن عبد الرحمن أو زكريا بن آدم وغيرهم ممن أرجعوا إليهم بأشخاصهم على ما بيّناه في أوائل الكتاب ، والفرق واضح لا يخفى على الفطن فهذا الجواب مما لا يمكن المساعدة عليه.

فالصحيح في الجواب أن يقال : إن الآيات المباركة ليست بصدد تعيين الحاكم وإنما هي بصدد بيان أن القضاوة لا بدّ أن تكون بالعدل والقسط فلا مجال للتمسك بإطلاقها.

وأما الروايات فهي أيضاً كذلك ، لأنها إنما وردت في قبال المخالفين للدلالة على عدم جواز الترافع إلى أهل الجور والفسوق ، وأن الايمان معتبر في القضاة. وأما أن القاضي يعتبر أن يكون مجتهداً أو يكفي كونه عالماً بالقضاء بالتقليد الصحيح أو أن القاضي يعتبر أن يكون رجلاً فلا يجوز الترافع إلى النساء أو غير ذلك من الأُمور فليست الروايات بصدد بيانها بوجه ، فصحّ ما ذكرناه من أن القدر المتيقن من المنصوبين للقضاء من قبلهم عليهم‌السلام هو المجتهد دون المقلّد وهو المتيقن الخروج عن الأصل. مضافاً إلى إمكان المناقشة في صحة إطلاق العالم بالقضاء والأحكام على من تعلمها بالتقليد فلاحظ ، وعلى الأقل أنه منصرف عن مثله.

۳۷۹