الرجل بعد ما صلّى فلم يدر أثلاثاً صلّى أم أربعاً ، وكان يقينه حين انصرف أنه كان قد أتم؟ لم يعد الصلاة وكان حين انصرف أقرب إلى الحق منه بعد ذلك » (١) ورواها الحلّي في آخر السرائر عن كتاب محمد بن علي ابن محبوب عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن محمد بن مسلم (٢). وهاتان الروايتان تدلان على أن قاعدة الفراغ يعتبر في جريانها الأذكرية والالتفات إلى الأُمور المعتبرة في العمل حين الاشتغال به ليكون احتمال المطابقة للواقع على القاعدة وموافقاً للطبع والعادة ، فلا تجري في موارد احتمال الصحة من باب المصادفة الاتفاقية واليانصيب أو الحظ والبخت. وعلى ذلك لا يمكن التمسك بالقاعدة في المقام وذلك لفرض غفلة المكلّف عن الأُمور المعتبرة في الواجب لأنه أتى به من دون تقليد من أحد أو عن التقليد غير الصحيح ، واحتمال صحة عمله إنما هو من باب الصدفة والاتفاق لا من جهة كون الصحة مطابقة للطبع والعادة.

وأما ما عن شيخنا الأستاذ قدس‌سره من أن الأذكرية المستفادة من قوله عليه‌السلام « هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك » إنما ذكرت حكمة للتشريع لا علّة للحكم بالمضي (٣) فقد أجبنا عنه في محلّه بأنه خلاف ظاهر الروايتين. ولا يمكن استفادته منهما لدى العرف لظهورهما في التعليل ، ولأجل ذلك بيّنا هناك أن القاعدة ليست تعبدية محضة ، وإنما هي من جهة الأمارية وما تقتضيه العادة والطبع فإن المتذكّر والملتفت إلى ما يعتبر في عمله يأتي به صحيحاً مطابقاً لما يتذكره عادة.

وعلى الجملة أن القاعدة تعتبر فيها الأذكرية وهي مفقودة في المقام ، فإذا لم تجر القاعدة في محل الكلام فلا مناص من أن يرجع إلى الأُصول العملية فنقول :

أما بحسب الإعادة فمقتضى قاعدة الاشتغال هو الوجوب لتنجّز التكليف في حقه بالعلم الإجمالي أو الاحتمال وهو يقتضي الخروج عن عهدة امتثاله لا محالة ، وحيث إنه لم يحرز فراغ ذمته فمقتضى علمه بالاشتغال وجوب الإعادة حتى يقطع بالفراغ.

وأما بحسب القضاء فمقتضى ما ذكرناه في محلّه من أن القضاء بأمر جديد وأن‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٨ : ٢٤٦ / أبواب الخلل في الصلاة ب ٢٧ ح ٣.

(٢) السرائر ٣ : ٦١٤.

(٣) أجود التقريرات ٢ : ٤٨١.

۳۷۹