« بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال : أن تعرفوه بالستر والعفاف ، وكف البطن والفرج واليد واللسان ، ويعرف باجتناب الكبائر الّتي أوعد الله عليها النار من شرب الخمر ، والزنا ، والربا ، وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وغير ذلك ، والدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساتراً لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس ، ويكون منه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهن ، وحفظ مواقيتهن بحضور جماعة من المسلمين ، وأن لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم إلاّ من علّة ... » (١).

وتقريب الاستدلال بها يتوقف على مقدمتين :

إحداهما : أن يكون قوله عليه‌السلام « أن تعرفوه بالستر والعفاف » معرّفاً منطقياً بأن تكون الجملة المذكورة حداً أو رسماً للعدالة وبياناً لماهيتها نظير قولنا : حيوان ناطق في الجواب عن أن الإنسان ما هو. إذن العدالة عين الاشتهار والمعروفية بالستر والعفاف وغيرهما مما ذكر في الحديث.

ثانيتهما : أن يكون العفاف والستر من الصفات النفسانية. فإنه إذا ضممنا إحدى المقدمتين المذكورتين إلى الأُخرى أنتجت أن العدالة ملكة ومن الصفات النفسانية كما ادعوه. وكلتا المقدمتين ممنوعتان :

أما المقدّمة الاولى : فلأن الجملة المذكورة معرّف أُصولي لغوي أعني ما ينكشف به الشي‌ء ، وليست معرّفاً منطقياً بمعنى الحد أو الرسم وكون المعرِّف عين المعرَّف وذلك :

__________________

إلاّ أنه معارض بتضعيفه ، وهذا لا لأنه مستثنى من كتاب نوادر الحكمة ، لأنه مستند إلى توهّم أن الرجل قد وضع أصلي زيد النرسي والزرّاد وهذا خطأ لأن أصلهما مما رواه عنهما ابن أبي عمير وقد عثروا على طريق معتبر إليهما من دون أن ينتهي إلى الرجل على ما نبّه عليه السيد الطباطبائي والسيد الصدر كما لا يخفى على من راجع ترجمة زيد الزرّاد ، بل لما ذكره ابن الوليد من أن الرجل كان يضع الحديث. فإنه مما لا يمكن حمله على وضعه خصوص أصلي الزيدين لإطلاقه. إذن لا يمكن الاعتماد على روايات الرجل بوجه.

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٩١ / أبواب الشهادات ب ٤١ ح ١.

۳۷۹