والعدالة (١)


بحسب الحدوث ، فلا ملازمة بينها وبين اعتبارهما في حجيتها بقاء أيضاً ، بحيث لو أخذ العامّي فتوى المجتهد حال استقامته وإيمانه ثمّ انحرف عن الحق لم يجز له أن يبقى على تقليده لسقوط فتواه عن الاعتبار ، فإنه يحتاج إلى دليل آخر غير ما دلّ على اعتبارهما في الحدوث.

فالمتحصل إلى هنا : أنه لم يدلنا دليل لفظي معتبر على شرطية الايمان في المقلّد ، بل مقتضى إطلاق الأدلة والسيرة العقلائية عدم الاعتبار لأن حجية الفتوى في الأدلة اللفظية غير مقيدة بالايمان ولا بالإسلام كما أن السيرة جارية على الرجوع إلى العالم مطلقاً ، سواء أكان واجداً للايمان والإسلام أم لم يكن وهذا يتراءى من سيرتهم بوضوح لأنهم يراجعون الأطباء والمهندسين أو غيرهم من أهل الخبرة والاطلاع ولو مع العلم بكفرهم.

ومع هذا كلّه لا ينبغي التردد في اعتبار الايمان في المقلّد حدوثاً وبقاءً كما يأتي وجهه عن قريب فانتظره.

٤ ـ العدالة :

(١) اشتراط العدالة كاشتراط البلوغ والإيمان لا يكاد يستفاد من شي‌ء من السيرة والأدلة اللفظية المتقدمتين ، وذلك لأن مقتضى إطلاق الآية والأخبار عدم الفرق في حجية إنذار الفقيه أو قول العالم أو رأي العارف بالأحكام بين عدالته وفسقه ، كما أن السيرة الجارية على رجوع الجاهل إلى العالم غير مقيدة بما إذا كان العالم عادلاً بوجه.

نعم ، مقتضى السيرة وغيرها من الأدلة القائمة على حجية الخبر الواحد اشتراط الوثاقة في المقلّد وذلك حتى يجوز الاعتماد على إخباره عن رأيه ونظره ، ولا يشترط فيه زائداً على الوثوق شي‌ء.

نعم ، قد يستدل على اعتبار العدالة بالإجماع. وفيه : أنه ليس من الإجماع التعبدي في شي‌ء ، ولا يمكن أن يستكشف به قول الإمام عليه‌السلام لاحتمال استنادهم في ذلك إلى أمر آخر كما ستعرف.

۳۷۹