البقاء أن فتوى الميت حجة تخييرية وأن للمقلّد أن يبقى على تقليده أو يعدل إلى الحي ومن الظاهر أن الحجة التعيينية والتخييرية غير قابلتين للاجتماع ، ولا يمكن أن يقال إن فتوى الميت حجة تعيينية وتخييرية ، لأنه يشبه الجمع بين المتناقضين. إذن لا يعقل أن تشمل فتوى الحي بوجوب البقاء على تقليد الميت لفتوى الميت بجواز البقاء وجواز العدول عنه. بل تختص بسائر المسائل غير تلك المسألة من فتاواه فلا يجوز للعامّي العدول من البقاء على تقليد الميت إلى الحيّ ، هذا والصحيح أن المقلّد له أن يعدل إلى الحي بفتوى الميت بالجواز.

ودعوى أن ذلك يستلزم الجمع بين الحجية التعيينية والتخييرية ، مندفعة بأنه إنما يلزم فيما إذا اتحد نظر الميت والحي فيما هو الموضوع للحكم في مسألة البقاء ، أو أنهما اختلفا في ذلك وكانت دائرة موضوعه عند الحي أوسع منها لدى الميت ، وأما إذا اختلفا في ذلك وكانت دائرة موضوع الحكم عند الميت أوسع منها لدى الحي ، كما إذا أفتى الميت بجواز البقاء مع تعلم الفتوى وإن لم يعمل بها ، وأفتى الحي بوجوب البقاء مع العمل فلا يلزم محذور الجمع بين الحجيتين ، وذلك لأن فتوى الحي بوجوب البقاء قد جعلت فتاوى الميت متصفة بالحجية فيما عمل به المقلّد ، وقد فرضنا أنه عمل بفتوى الميت بالجواز في مسألة البقاء ، وإذا اتصفت فتوى الميت بالحجية في تلك المسألة جاز للمقلّد كل من العدول والبقاء فيما أفتى به المجتهد الميت حتى فيما لم يعمل به وتعلّم حكمه من المسائل.

ومن الظاهر أنه ليس في المسائل الّتي لم يعمل بها المقلّد حال حياة الميت اجتماع الحجيتين ، لأن كون فتوى الميت حجة تعيينية إنما هو في المسائل الّتي عمل بها المقلّد دون ما لم يعمل به ، فليس فيها سوى فتوى الميت بجواز البقاء وهي حجة تخييرية فحسب فأين يلزم في تلك المسائل اجتماع الحجيتين.

على أنه لا مانع من اجتماع الحجية التعيينية والتخييرية في مورد واحد ، فإن الحجية التعيينية إنما ثبتت لفتوى الميت ببركة فتوى الحي بوجوب البقاء بما هي فتوى الميت بمعنى أن الجهات الّتي ساقت الحي إلى الحكم بوجوب البقاء ككون الميت أعلم أو حرمة العدول عنه نظراً إلى أن الموت كمال ، فلا يوجب سقوط فتواه عن الاعتبار على‌

۳۷۹