وإن كان بواسطة القرائن الخارجية الّتي عمدتها كونها مدونة في الكتب الأربعة أو مأخوذة من الأُصول المعتبرة مع اعتناء الأصحاب بها وعدم إعراضهم عنها ، إلى أن قال : ولأجل ما تقدمت الإشارة إليه جرت سيرتي على ترك الفحص عن حالهم. انتهى.

وإنما اللاّزم حينئذٍ مراجعة أن الرواية هل هي معمول بها عندهم ، لتكون حجة أو أنها معرض عنها لتسقط عن الاعتبار. ومعه لا تمسّ الحاجة إلى علم الرجال إلاّ في بعض الموارد ، كما إذا لم يظهر لنا عمل الأصحاب على طبق الرواية أو إعراضهم عنها.

وأمّا إذا بنينا على ما هو الصحيح عندنا ، من أن عمل الأصحاب والمشايخ ( قدّس الله أسرارهم ) على طبق رواية لا يكون جابراً لضعف دلالتها ، إذ المتبع حسب سيرة العقلاء هو الظهور ، ومن الظاهر أن عملهم على طبق الرواية لا يجعلها ظاهرة في المعنى المراد كما لا ينجبر بعملهم ضعف سندها ، فإن السيرة العقلائية الّتي هي العمدة في حجية الخبر وكذا الأخبار التي ادعينا تواترها إجمالاً ، وبعض الآيات المذكورة في محلّها إنما تدل على اعتبار الخبر الموثوق أو الممدوح رواته ، أو الرواية الّتي يطمأن بصدورها عنهم لو اتفق في مورد وأمّا الخبر الضعيف فلم يدلنا دليل على اعتباره إذا عمل المشهور على طبقه. فلا محالة تزداد الحاجة إلى علم الرجال ، فإن به يعرف الثقة عن الضعيف وبه يتميز الغث عن السمين ، ومعه لا مناص من الرجوع إليه للتفتيش عن أحوال الرواة الواقعين في سلسلة السند واحداً بعد واحد ليظهر أنه موثوق به ليؤخذ بخبره أو أنه ضعيف لئلاّ يعتمد على إخباره ، حتى الرواة الواقعين في السند بعد ابن أبي عمير وزرارة وأضرابهما ممّن ادّعوا الإجماع على تصحيح ما يصح عنهم في الرجال ، وذلك لأن هذا الإجماع ليس بأزيد من الإجماعات المنقولة الّتي لا نعتمد عليها في الأحكام.

على أنه غير معلوم المراد وهل أُريد به أن السند إذا كان معتبراً إلى تلك الجماعة لم ينظر إلى من وقع بعدهم في سلسلة السند من الرواة ، بل يحكم باعتبارها ولو كان الراوي الواقع بعدهم غير معلوم الحال عندنا ليكون ذلك توثيقاً إجمالياً لهؤلاء الرواة أو أن المراد به توثيق أصحاب الإجماع في أنفسهم ليكون معناه أن الجماعة المذكورين‌

۳۷۹