حكم صورة تساوي الراويين في الصفات المذكورة وغيرها ، حتّى قال : «لا يفضل أحدهما على صاحبه» ، يعني : بمزيّة من المزايا أصلا ، فلو لا فهمه أنّ كلّ واحد من هذه الصفات وما يشبهها مزيّة مستقلّة ، لم يكن وقع للسؤال عن صورة عدم المزيّة فيهما رأسا ، بل ناسبه السؤال عن حكم عدم اجتماع الصفات ، فافهم.

ومنها : تعليله عليه‌السلام الأخذ بالمشهور بقوله : «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه». توضيح ذلك :

أنّ معنى كون الرواية مشهورة كونها معروفة عند الكلّ ، كما يدلّ عليه فرض السائل كليهما مشهورين ، والمراد بالشاذّ ما لا يعرفه إلاّ القليل ، ولا ريب أنّ المشهور بهذا المعنى ليس قطعيّا من جميع الجهات (١) ـ قطعيّ المتن والدلالة ـ حتّى يصير ممّا لا ريب فيه ، وإلاّ لم يمكن فرضهما مشهورين ، ولا الرجوع إلى صفات الراوي قبل ملاحظة الشهرة ، ولا الحكم بالرجوع مع شهرتهما إلى المرجّحات الأخر ، فالمراد بنفي الريب نفيه بالإضافة إلى الشاذّ ، ومعناه : أنّ الريب المحتمل في الشاذّ غير محتمل فيه ، فيصير حاصل التعليل ترجيح المشهور على الشاذّ بأنّ في الشاذّ احتمالا لا يوجد في المشهور ، ومقتضى التعدّي عن مورد النصّ في العلّة وجوب الترجيح بكلّ ما يوجب كون أحد الخبرين أقلّ احتمالا لمخالفة الواقع.

ومنها : تعليلهم عليهم‌السلام لتقديم الخبر المخالف للعامّة ب : «أنّ الحقّ والرشد في خلافهم» ، و «أنّ ما وافقهم فيه التقيّة» ؛ فإنّ هذه كلّها

__________________

(١) لم ترد «قطعيّا من جميع الجهات» في (ظ) ، وشطب عليها في (ت).

۳۵۲۱