من أنّ النصّ والظاهر لا يرجع فيهما إلى المرجّحات.
وأمّا ما أجاب به صاحب المعالم عن الإيراد : بأنّ احتمال التقيّة في كلامهم أقرب وأغلب (١).
ففيه ـ مع إشعاره بتسليم ما ذكره المحقّق ، من معارضة احتمال التقيّة في الموافق باحتمال التأويل ، مع ما عرفت ، من خروج ذلك عن محلّ الكلام ـ : منع أغلبيّة التقيّة في الأخبار من التأويل.
ومن هنا يظهر أنّ ما ذكرنا من الوجه في رجحان الخبر المخالف مختصّ بالمتباينين ، وأمّا في ما كان من قبيل العامّين من وجه ـ بأن كان لكلّ واحد منهما ظاهر يمكن الجمع بينهما بصرفه عن ظاهره دون الآخر ـ فيدور الأمر بين حمل الموافق منهما على التقيّة ، والحكم بتأويل أحدهما ليجتمع مع الآخر.
مثلا : إذا ورد الأمر بغسل الثوب من أبوال ما لا يؤكل لحمه ، وورد : «كلّ شيء يطير لا بأس بخرئه وبوله» ، فدار الأمر بين حمل الثاني على التقيّة ، وبين الحكم بتخصيص أحدهما لا بعينه ، فلا وجه لترجيح التقيّة لكونها في كلام الأئمّة عليهمالسلام أغلب من التخصيص.
فالعمدة في الترجيح بمخالفة العامّة ـ بناء على ما تقدّم (٢) ، من جريان هذا المرجّح وشبهه في هذا القسم من المتعارضين ـ : هو ما تقدّم (٣) ، من وجوب الترجيح بكلّ مزيّة في أحد المتعارضين ، وهذا
__________________
(١) المعالم : ٢٥٦.
(٢) راجع الصفحة ٢٧.
(٣) راجع الصفحة ٧٥.