الأوّل : أنّه تعالى حكيم لا يفعل القبيح على ما تقدم ، فكما أنّ فعل القبيح قبيح فكذا إرادته قبيحة ، وكما أن ترك الحسن قبيح فكذا ارادة تركه.

الثاني : أنّه تعالى أمر بالطاعات ونهى عن المعاصي ، والحكيم إنّما يأمر بما يريده لا بما يكرهه ، وينهى عما يكرهه لا عما يريده ، فلو كانت الطاعة من الكافر مكروهة لله تعالى لما أمر بها ، ولو كانت المعصية مرادة لله تعالى لما نهاه عنها وكان الكافر مطيعاً بكفره وعدم ايمانه لأنّه فعل ما أراده الله تعالى منه وهو المعصية وامتنع عما كرهه وذلك باطل قطعاً.

__________________

ولكن الرد مبنيّ على عقيدة الأشاعرة في مسألة تعلق إرادته سبحانه بأفعال العباد ، من تعلقها بها مباشرة وبلا واسطة ، فيترتب عليه ما ذكر في الدليل ، وأمّا على القول الحق من تعلّقها بصدور كل فعل عن سببه الخاص وتعلّقها في أفعال العباد بصدورها عن الفواعل عن مبادئها ومنها الاختيار الذي هو جوهر الإنسان وحقيقته ، فلا يلزم أيّ محذور ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى محاضراتنا «الإلهيات» (١) ، كيف وقال سبحانه : ﴿وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (التكوير : ٢٩).

ثمّ إنّ أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ندّدوا بالقول بخروج أفعال العباد عن مجال إرادته تعالى ، قال الصادقعليه‌السلام : «من زعم أنّ الخير والشر بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من سلطانه» (٢).

وقال أيضاً : «القدرية أرادوا أن يصفوا الله بعدله فأخرجوه عن سلطانه» (٣).

فما ذهب إليه المعتزلي من خروج أفعال العباد عن مجال إرادته التكوينية على الإطلاق ، أو ما ذهب إليه الأشعري من كونها متعلّقة بإرادته على وجه المباشرة باطلان ، والحق القراح تعلق إرادته بصدور كل فعل عن كل فاعل لكن عن مبادئه التي تعدّ علّة مباشرية له ومنها الاختيار ، فالإنسان مختار في فعله ، فله أن يفعل وأن لا يفعل ، لكنه مضطر في حريته واختياره ، فلاحظ.

__________________

(١) حسن العاملي : الإلهيات : ٢ / ٢٩٢.

(٢) الصدوق : التوحيد باب نفي الجبر والتفويض ، الحديث ٢ ص ٣٥٩.

(٣) الصدوق : التوحيد باب القضاء ، الحديث ٢٩ ص ٣٨٢.

۳۰۸۱