قال : وبعضُ الأفعال مستندةٌ إلينا ، والمغلوبية غير لازمة ، والعلمُ تابعٌ.

أقول : لما فرغ من الاستدلال شرع في إبطال حجج الخصم وهي ثلاثة :

الأُولى : قالوا : الله تعالى فاعل لكل موجود (١) فتكون القبائح مستندة إليه بإرادته.

والجواب : ما يأتي من كون بعض الأفعال مستندة إلينا.

الثانية : أنّ الله تعالى لو أراد من الكافر الطاعة ، والكافر أراد المعصية ، وكان الواقع مراد الكافر لزم أن يكون الله تعالى مغلوباً (٢) ، إذ من يقع مراده من المريدين هو الغالب.

والجواب : أنّ هذا غير لازم ، لأن الله تعالى إنّما يريد الطاعة من العبد على سبيل الاختيار ، وهو إنّما يتحقق بإرادة المكلّف ، ولو أراد الله تعالى إيقاع الطاعة من الكافر مطلقاً سواء كانت عن اختيار أو إجبار لوقعت.

__________________

(١) لو أراد من الموجود الجواهر فالصغرى صحيحة ، وإن أراد ما يعم الأعراض أي أفعال المكلفين فهو ممنوع ، وعلى فرض الصحّة إن أراد الفاعلية المباشرية فهي أيضاً ممنوعة ، وإن أراد الأعم فلا يضر ، لانتهاء الممكنات بجواهرها وأعراضها إلى الواجب ولكنّه لا يستلزم استناد القبائح إليه تعالى بل إلى السبب المباشر.

(٢) الاستدلال مبهم جدّاً فلم يبين ما ذا يريد من إرادة الله في قوله : إذا أراد الله من الكافر الطاعة ، فهل يريد بالإرادة ، التشريعية ، وعندئذ لو أراد الكافر الكفر بالإرادة التكوينية فتأثير إرادة العبد لا يكون دليلاً على مغلوبيته سبحانه ، وإنّما تتحقّق المغلوبية لو كانت كلتا الإرادتين تكوينية ويجيء فرضه في ذيل المسألة السادسة ، أعني قوله : «ومع الاجتماع يقع مراده تعالى».

۳۰۸۱