وقد شنع أبو الحسين على الأشاعرة بأشياء ردية ، وما شنع به فهو حق إذ لا تتمشى قواعد الإسلام بارتكاب ما ذهب إليه الأشعرية من تجويز القبائح عليه تعالى وتجويز إخلاله بالواجب ، وما أدري كيف يمكنهم الجمع بين المذهبين؟!

واعلم أنّ الفعل من التصورات الضرورية ، وقد حدّه أبو الحسين بأنّه ما حدث عن قادر ، مع أنّه حدّ القادر بأنّه الذي يصح أن يفعل وأن لا يفعل فلزمه الدور ؛ على أنّ الفعل أعم من الصادر عن قادر وغيره.

إذا عرفت هذا فالفعل الحادث إمّا أن لا يوصف بأمر زائد على حدوثه وهو مثل حركة الساهي والنائم ، وإمّا أن يوصف وهو قسمان : حسن وقبيح.

فالحسن ما لا يتعلق بفعله ذمّ (١) والقبيح بخلافه ، والحسن إمّا أن لا يكون له وصف زائد على حسنه وهو المباح ويرسم بأنّه ما لا مدح فيه على الفعل والترك ، وإمّا أن يكون له وصف زائد على حسنه ، فإمّا أن يستحق المدح بفعله والذمّ بتركه وهو الواجب ، أو يستحق المدح بفعله ولا يتعلق بتركه ذم وهو المندوب ، أو يستحق المدح بتركه ولا يتعلق بفعله ذم وهو المكروه.

فقد انقسم الحسن إلى الأحكام الأربعة : الواجب والمندوب والمباح والمكروه ، ومع القبيح تبقى الأحكام الحسنة والقبيحة خمسة.

__________________

(١) يحاول بهذا التعريف إدخال المباح والمكروه تحت الحسن ، نعم لو عُرِّف الحسن بما يستحق المدح ، فلا يعم إلّا الواجب والمستحب ، ولا وجه لحصر الأفعال فيهما ، بل يمكن تصوير قسم ثالث لا يوصف بأحدهما كما هو الحال في المباح بل المكروه.

۳۰۸۱