المرجئة إلى أنّه سمعي.
واحتج المصنف رحمهالله على دوامهما بوجوه :
أحدها : أن العلم بدوام الثواب والعقاب يبعث العبد على فعل الطاعة ويبعده عن المعصية وذلك ضروري وإذا كان كذلك كان لطفاً واللطف واجب على ما مر.
الثاني : أن المدح والذم دائمان إذ لا وقت إلّا ويحسن مدح المطيع وذم العاصي إذا لم يظهر منه ندم على ما فعل ، وهما معلولا الطاعة والمعصية فيجب كون الطاعة والمعصية في حكم الدائمتين فيجب دوام الثواب والعقاب لأن دوام أحد المعلولين يستلزم دوام المعلول الآخر (١) لأن العلة تكون دائمة أو في حكم الدائمة.
الثالث : أن الثواب لو كان منقطعاً لحصل لصاحبه الألم بانقطاعه ولو كان العقاب منقطعاً لحصل لصاحبه السرور بانقطاعه وذلك ينافي الثواب والعقاب لأنّهما خالصان عن الشوائب.
هذا ما فهمناه من كلام المصنف رحمهالله وقوله : «لحصول نقيضيهما» يعني نقيضي الثواب والعقاب «لولاه» أي لو لا الدوام.
__________________
(١) المعلولان عبارتان عن المدح والثواب أو الذم والعقاب ، فبما أنّ المدح والذم مستمران فيكشف عن بقاء العلة وهو الطاعة والمعصية ، فيستدل بوجود أحد المعلولين على وجود العلة وبقائها ، فيثبت وجود المعلول الآخر لامتناع وجود أحد المعلولين بدون المعلول الآخر.
واعلم أنّ القول بدوام العقاب مبني على أنّ مرتكب المعصية مخلّد في النار إذا مات بلا توبة ، وهو على خلاف ما دل عليه الكتاب والسنّة ، وقد تبع المصنّف رأي المعتزلة ومضى عليه الشارح ، مع أنّ الأليق بمقامهما التنصيص على خلافه ، وسيأتي التصريح بما ذكرناه ص ٢٧٤ ، فلاحظ.