قال : ويجبُ خلوصهما وإلّا لكان الثوابُ أنقص حالاً من العوض والتفضل على تقدير حصوله فيهما ، وهو أدخلُ في باب الزجر.

أقول : يجب خلوص الثواب والعقاب عن الشوائب. أمّا الثواب فلأنّه لو لا ذلك لكان العوض والتفضل أكمل منه لأنه يجوز خلوصهما عن الشوائب وحينئذ يكون الثواب أنقص درجة وأنّه غير جائز. (١)

وأمّا العقاب فلأنّه أعظم في الزجر فيكون لطفاً.

قال : وكلُّ ذي مرتبة في الجنّة لا يطلبُ الأزيد ، ويبلغ سرورهم بالشكر (٢) إلى حدِّ انتفاء المشقة ، وغناؤُهم بالثواب ينفي مشقة ترك القبائح ، وأهلُ النارِ يُلجَئُون إلى ترك القبيح.

أقول : لمّا ذكر أن الثواب خالص عن الشوائب ورد عليه أن أهل الجنّة يتفاوتون في الدرجات ، فالأنقص إذا شاهد من هو أعظم ثواباً حصل له الغم بنقص درجته عنه وبعدم اجتهاده في العبادة ، وأيضاً فإنّه يجب عليهم الشكر لنعم الله تعالى والإخلال بالقبائح وفي ذلك مشقة.

__________________

(١) مرّ الفرق بين الثواب والعوض ص ١٢٤ وانّ النفع الخالي عن التعظيم ، عوض ومعه ثواب.

(٢) لما اشترط الخلوص في الثواب وأن يكون خالصاً من كل شائبة ، أشكل عليه الأمر في مواضع ثلاثة :

أ ـ أنّ أهل الجنة يتفاوتون في الدرجات فالأنقص درجة إذا شاهد من هو أعظم ثواباً حصل له الغم بنقص درجته.

ب ـ أنّ أهل الجنة يجب عليهم الشكر لنعم الله تعالى والشكر يشتمل على المشقة وهذا ينافي الخلوص في الثواب.

ج ـ أنّ أهل الجنة يتركون القبائح (المحرمات) وفي تركها مشقة.

۳۰۸۱