المخالفين في ذلك.

واعلم أنّ من جملة من خالف في كيفية الإعدام جماعة من المعتزلة ، ذهبوا إلى أنّ الإعدام ليس هو التفريق بل الخروج عن الوجود ، بأن يخلق الله تعالى للجواهر ضداً هو الفناء، وقد اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال :

أحدها : قال ابن الإخشيد : إنّ الفناء ليس بمتحيز ولا قائم بالمتحيز إلّا أنّه يكون حاصلاً في جهة معينة فإذا أحدثه الله تعالى فيها عدمت الجواهر بأسرها.

الثاني : قال ابن شبيب : إنّ الله يحدث في كل جوهر فناءً ثمّ ذلك الفناء يقتضي عدم الجوهر في الزمان الثاني فيجعله قائماً بالمحل.

الثالث : قال أبو علي وأبو هاشم ومن تابعهما : إنّ الفناء يحدث لا في

__________________

١ ـ ما ذكره ابن الإخشيد (أبو بكر بن علي من أفاضل المعتزلة ، توفي سنة ٤٢٦) : أنّ الفناء الذي هو ضد للجواهر ليس بمتحيّز (جسم) ولا قائم به إلّا أنّه يكون حاصلاً في جهة معينة.

يلاحظ عليه بأنّه غير معقول ، لأنّ كل ما يحصل في جهة إمّا جسم أو قائم به.

٢ ـ ما ذكره ابن شبيب (محمد بن شبيب البصري من أصحاب النظام الذي توفي سنة ٢٣٦ ومن متكلمي القرن الثالث) من أنّ الله يحدث في كل جوهر فناء.

٣ ـ ما نقل عن أبي علي وأبي هاشم : أنّ الفناء يحدث لا في محل فيفني الجواهر كلّها حال حدوثه.

ولا يظهر الفرق بين الأوّل والثالث سوى اشتمال الأوّل على كون الفناء في جهة معينة.

وحاصل الدليل الأوّل للمصنّف على بطلان هذا الفرض بصوره الثلاث أنّ الفناء إن كان جوهراً لا يضادّ الجواهر إذ التضاد من شئون الكيف الذي قسم من العرض وقد عرفوه بأنّه أمران وجوديان لا يجتمعان في موضوع واحد ويتعاقبان عليه بينهما غاية الخلاف ، والجوهر لا موضوع له ، وإن كان الفناء عرضاً فالعرض لا يضادّ الجوهر.

۳۰۸۱