إدخال الألم على المكلف إذا اشتمل على اللطف والاعتبار وإن لم يحصل في مقابلته عوض ، لأنّ الألم كما يحسن لنفع يقابله فكذا يحسن لما يؤدّي إليه الألم ، ولهذا حسن منّا تحمّل مشاقّ السفر لربح يقابل السلعة ولا يقابل مشاق السفر ، ولمّا كان مشاق السفر علة في حصول الربح المقابل للسلعة فكذا الألم الذي هو لطف لولاه لما حصل الثواب المقابل للطاعة فحسن فعله وإن خلا عن العوض لأدائه إلى النفع.

وحجة الأوائل أنّ الألم غير المستحق لو لا اشتماله على النفع أو دفع الضرر كان قبيحاً ، والطاعة المفعولة لأجل الألم (١) ليست بنفع ، والثواب المستحق عليها يقابل الطاعة دون الألم ، فيبقى الألم مجرداً عن النفع وذلك قبيح.

__________________

ـ على أنّ مجرّد العوض كاف في الألم الابتدائي أو لا بد من ضم أمر آخر كاللطف ليخرج عن العبث ، فقال أبو علي بالأوّل وأبو هاشم بالثاني ، وأمّا المقام فالبحث مركّز على أنّ مجرّد اللطف كاف في الألم الابتدائي وإن لم يرجع نفع إلى المولِم أولا. وقد مثل القائلون بالجواز بالسفر الشاق إذا باع سلعته فيه بقيمة غالية ، فهناك أُمور ثلاثة : ١ ـ السفر الشاق وليس في مقابله شيء. ٢ ـ بيع السلعة. ٣ ـ الربح الذي هو في مقابل السلعة ، مثل المقام ، فإنّ فيه أُموراً ثلاثة : الإيلام ، الطاعة ، الثواب.

(١) حاصله : أنّ مجرّد اللطف لا يكفي في الألم الابتدائي ، وذلك لأنّ الألم ينتهي إلى الطاعة وهي تلازم الثواب ، فالثواب في مقابل الطاعة ، ولا يكون في مقابل الألم شيء ، وفي المقام أُمور ثلاثة (الألم ، الطاعة ، والثواب).

ولكن الحق أن يقال : إن كان الألم في طريق طاعة المتألم أو داعياً إليها ، فالظاهر كفاية اللطف ، لأنّه هو المؤثر في الطاعة المستلزمة للثواب ، وكون الثواب لمجرّد الطاعة لا يضر ، إذ لو لا اللطف بالألم ، ما كانت هناك طاعة ولم يترتب ثواب.

۳۰۸۱