الفعل أولى من كونه لطفاً في غيره من الأفعال ، وهو ترجيح من غير مرجح أيضاً ، وإلى هذين أشار بقوله : وإلّا ترجح بلا مرجح بالنسبة إلى المنتسبين ، وعنى بالمنتسبين اللطف والملطوف فيه ، هذا ما فهمناه من هذا الكلام.

قال : ولا يبلغ الإلجاءَ.

أقول : هذا الحكم الثاني من أحكام اللطف ، وهو أن لا يبلغ في الدعاء

__________________

وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (الأعراف : ١٦٨).

وقوله تعالى : ﴿فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (الأنعام : ٤٢).

ثمّ إنّ الماتن ذكر الشروط الباقية وهي أربعة :

١ ـ أن لا يبلغ حدّ الإلجاء ، وأكثر من اعترض على قاعدة اللطف كصاحب المواقف ، غفل عن هذا الشرط ولو التفت هو أو غيره إلى هذا الشرط ، لما سلّوا سيوفهم عن أغمادها.

٢ ـ أن يعلم المكلّف بوجود اللطف إجمالاً أو تفصيلاً لأنّه إنّما يدعو إلى الطاعة بوجوده العلمي لا بوجوده الواقعي فقط وإن لم يقف عليه المكلّف ، كما إذا وقف حابس الزكاة على أنّ المرض الشائع في القطيعة ، تنبيه من الله وعندئذ يقرّب الالتفات من الطاعة ، ويؤدي الفريضة.

٣ ـ أن يكون فيه وراء الحسن ، أمر آخر هو ملاك اللطفية ، وإلّا فالمباح بما هو حسن لا يكون لطفاً ، لكن يمكن أن يقال : إنّ وجود المباحات الكثيرة التي وسّعت الحياة للعباد ، وجعلتهم في يسر ورفق ، لطف من الله ومقرب لدخول الناس في دين الإسلام ولولاه ، لما دخل أكثرهم فيه ، والحسن عبارة عمّا ليس بقبيح فيشمل المباحات ولا يشترط وراء الحسن شيء زائد.

٤ ـ اللطف يدخله التخيير كما في الكفّارات المخيرة.

٥ ـ اللطف يجب أن يكون حسناً بالذات ، فلا يمكن عدّ تسلّط الظالم على العباد لطفاً من الله وإن كان يترتب عليه التوجه إلى الله سبحانه وذلك لأنّ تسلّطه عليهم نتيجة أعمالهم ﴿ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (الأنفال / ٥١).

۳۰۸۱