أمّا الإجماع فظاهر ، إذ الاتفاق بين المسلمين وغيرهم واقع على أن التكليف منقطع.

وأمّا المعقول فنقول : لو كان التكليف دائماً لم يمكن إيصال الثواب إلى المطيع ، والتالي باطل قطعاً ، فالمقدم مثله.

بيان الشرطية : أنّ التكليف مشروط بالمشقة ، والثواب مشروط بخلوصه عن الأكدار والمشاق ، والجمع بينهما محال ، ولا بدّ من تراخ بين التكليف والثواب وإلّا لزم الإلجاء.

قال : وعلّةُ حسنِهِ عامّةٌ.

أقول : لما بيّن أوّلاً حسن التكليف مطلقاً شرع في بيان حسنه في حق

__________________

ـ التكليف والثواب وإلّا لزم الإلجاء» وذلك لأنّه لو كان ثواب كل تكليف مقروناً بالجزاء لما انفك التكليف عن الطاعة ولكن لا عن اختيار بل أشبه بالإلجاء ، وهو بالنسبة إلى الغاية المتوخاة من التكليف في طرف النقيض ، إذ يجب أن يكون المكلَّف على حالة تكون نسبة الطاعة والعصيان إليه سواسية ، حتى يمتاز المطيع عن اختيار عن العاصي كذلك ، وذلك لا يجتمع مع كون الجزاء مقروناً بالتكليف طول الحياة فإنّ الأجير إذا عاين الجزاء لما انفك عنه العمل.

هذا ما ذكره الشارح ، ولكن الظاهر من الشيخ المفيد انقطاع التكليف الشرعي في الآخرة دون التكليف العقلي ، ولعل مراد الماتن والشارح ذلك أيضاً ، أي يكون التكليف من جانب الشارع مقطوعاً دون التكليف من جانب العقل ، قال المفيد : «إنّ أهل الآخرة مأمورون بعقولهم بالسداد ، وما حسن لهم في دار الدنيا من الرشاد ـ إلى أن قال ـ : إنّ أهل الآخرة صنفان : فصنف منهم في الجنّة ، وهم فيها مأمورون بما يؤثرون ويخفّ على طباعهم ويميلون إليه ولا يثقل عليهم من شكر المنعم سبحانه وتعظيمه وحمده على تفضّله عليهم وإحسانه إليهم ، ... والصنف الآخر في النار ... وليس يتعرون من الأمر والنهي بعقولهم» (١).

__________________

(١) المفيد : أوائل المقالات : ٦٧ (/ ط. أخرى : ١٠٦).

۳۰۸۱