أما الطائفة الأُولى : فهي وإن كانت تامة دلالة ، ولا يمكن حملها على أن الحق الّذي يذهب به اليمين هو حق الدعوى لا الحق المدعى ، لأنه خلاف ما ورد في بعضها كما في الرواية المتقدمة « وقد ذهبت اليمين بما فيها » أي بما في يدك. وقوله في رواية موسى بن أكيل النميري « ذهبت اليمين بحق المدعي » (١) كما أنها غير معارضة في مداليلها ، إلاّ أنها ضعيفة السند وغير قابلة للاستدلال بها بوجه.

أما الطائفة الثانية : فمنها : صحيحة سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه وحلف ثمّ وقع له عندي مال آخذه ( فآخذه ) لمكان مالي الّذي أخذه وأجحده ، وأحلف عليه كما صنع؟ قال : إن خانك فلا تخنه ، ولا تدخل فيما عبته عليه » (٢) إلاّ أنها معارضة بصحيحة أبي بكر الحضرمي قال « قلت له : رجل لي عليه دراهم فجحدني وحلف عليها أيجوز لي إن وقع له قبلي دراهم أن آخذه منه بقدر حقي؟ قال : فقال : نعم ... » (٣) إذن لا مجال للتفصيل في الشبهات الموضوعية بين اليمين والبينة.

والمتحصل : أن بحكم الحاكم لا يجوز ترتيب آثار الواقع إذا علمنا مخالفته للواقع. نعم ، إذا لم يعلم أنه على خلافه أو مطابق له جاز ترتيب آثار الواقع بحكم الحاكم فلا مانع من ترتيب أثر الطهارة على المبيع ، أو مالية المال للمحكوم له في المثالين عند عدم العلم بمخالفة الحكم للواقع ، لأنه مقتضى السيرة القطعية فلاحظ.

ثمّ إن ما ذكرناه بناءً على ما استدللنا به من صحيحتي أبي خديجة المتقدمتين ظاهر لا اشكال فيه. وأما لو اعتمدنا على مقبولة عمر بن حنظلة فقد يتوهّم دلالتها على أن حكم الحاكم أمارة على الواقع ومعه لا مانع من ترتيب آثار الواقع بالحكم فيجوز لمدعي البطلان في المثال أن يرتّب آثار الطهارة على المبيع ، وكذلك المحكوم له يجوز أن يتصرف في المال وإن علم بعدم مطابقة الحكم للواقع ، فالأمارة القائمة على نجاسة الملاقي أو عدم كون المال للمحكوم له وإن كانت معارضة لحكم الحاكم وانهما أمارتان‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٤٤ / أبواب كيفية الحكم ب ٩ ح ١.

(٢) وسائل الشيعة ١٧ : ٢٧٤ / أبواب ما يكتسب به ب ٨٣ ح ٧.

(٣) ورد مضمونه في وسائل الشيعة ١٧ : ٢٧٤ / أبواب ما يكتسب به ب ٨٣ ح ٥.

۳۷۹