قبض الموكّل ، ومعه لا بدّ للوكيل من أن يراعي الصحة عند الموكّل ، وإلاّ فلم يأت بالعمل الموكول إليه.

وإن شئت قلت : عمل الوكيل عمل للموكّل بالتسبيب فلا مناص من أن يراعي فيه نظر ، كما هو الحال في فعله المباشري ، لأنه لا فرق في العمل بين المباشرة والتسبيب فلو وكّل أحداً في استئجار من يصلّي عن أبيه مثلاً وكان ممن يرى الترتيب في القضاء دون الوكيل ، لم يجز للوكيل استئجار أجير للقضاء إلاّ أن يراعي الترتيب فيه.

ومن ذلك يظهر الحال في الوصي ، لأنه أيضاً نائب عن الموصي في تصرفاته فليس له أن يأتي بأعماله حسب نظره واعتقاده ، إذ ليس العمل عمله ، فإذا أوصاه أن يستأجر أحداً للقضاء عنه لم يجز للوصي استئجاره للصلاة من دون سورة ، وإن كانت الصلاة من دونها صحيحة عنده ، بل يجب استئجاره لها مع السورة ، لأنها الواجبة عند الموصي بالاجتهاد أو التقليد ، فالمنصرف إليه من الوكالة والوصاية لدى العرف ما لم تقم قرينة على الخلاف إنما هو استنابة الموكّل أو الموصي للوكيل والوصي في عملهما الموجب لتفريغ ذمتهما على نظرهما. فلا يمكن قياسهما بالمتبرع والولي فإن التكليف من الابتداء متوجه إليهما وجوباً أو استحباباً فلا مناص من مراعاة نظرهما ، وهذا بخلاف الوصي والوكيل فإن التكليف غير متوجه إليهما ابتداءً وإنما هو توجّه إلى الموصي والموكّل وهما يعطيان السلطة في إعمالهما إلى الوكيل أو الوصي ، فهما نائبان عن الموكّل والموصي فيجب أن يراعيا نظرهما.

نعم ، يمكن المناقشة بالإضافة إلى الأجير ، بأن العمل العبادي الّذي يقع مورد الإجارة إنما هو العمل الصحيح الموجب لتفريغ ذمة المنوب عنه ، فإذا فرضنا أن العمل الّذي أتى به الأجير عن المستأجر باطل بنظره فكيف يتمشى منه قصد التقرب به وإن كان صحيحاً عند المستأجر والمنوب عنه ، ومع عدم تمشي قصد القربة ووقوع العمل باطلاً وغير موجب لتفريغ ذمة المستأجر لم تصح إجارته لعدم قدرته على العمل الّذي وقع مورداً للإجارة ، ومع كون العمل باطلاً عند الأجير لا يصح إجارته.

نعم ، لا مانع من صحة الإجارة فيما إذا كان الأجير محتملاً لصحة العمل ، لأنه‌

۳۷۹