الغيبة ليتمكن من نصب المتولي والقيّم ونحوهما ، إذن جعله المتولي أو القيّم في الحقيقة من التوكيل دون جعل التولية أو القيمومة. وقد تقدم أن بموت الموكّل تبطل وكالة الوكيل.

ودعوى : أن جعل القيمومة أو التولية ليس من جهة عموم الولاية للفقيه حتى يدفع بعدم الدليل عليه ، بل من جهة أن إعطاء هذه المناصب من الوظائف الراجعة إلى القضاة.

مندفعة بأن الفقيه إذا أنكرنا ثبوت الولاية المطلقة له فأنى له إعطاء هذه المناصب لغيره ، فإنه يحتاج إلى دليل ولم يدلنا أي دليل على أن القاضي يتمكن من إعطائها. وقوله في مقبولة عمر بن حنظلة : « فإني قد جعلته عليكم حاكماً » (١) أجنبي عن هذا المدعى ، لأنه بمعنى جعلته عليكم قاضياً كما ورد في صحيحة أبي خديجة حيث قال عليه‌السلام « فإني قد جعلته قاضياً » (٢) ويأتي أن جعل القضاوة لا دلالة له بوجه على تمكن القاضي من إعطاء تلك المناصب لمن أراد ، بل إثباته يحتاج إلى دليل. على أن المقبولة ضعيفة السند كما مرّ وغير صالحة للاستدلال بها على شي‌ء.

ونظيره دعوى : أن جعل القيّم أو المتولي من الحاكم كجعلهما من الله فليست القيمومة أو التولية راجعة إلى ولاية الفقيه ، أو أن المنصب من الله والحاكم واسطة في الثبوت فلا موجب لانعدامه بموت المجتهد الحاكم.

فإن كُلاًّ من الدعويين بلا دليل ، لوضوح أن كلامنا ليس في أن الحاكم هل يمكن أن ينصب قيّماً أو متولياً ولا ينعدم بموته ، فإن إمكانه أمر لا مناقشة فيه وإنما الكلام في ثبوته وهو يحتاج إلى دليل ، ولم يدلّنا أي دليل على أن للمجتهد نصب القيّم أو المتولي. اللهُمَّ إلاّ بناءً على ثبوت الولاية المطلقة له في عصر الغيبة ويأتي منّا أنها أيضاً مما لا دليل عليه.

بل لو سلمنا أن الفقيه له الولاية على النصب لا مناص من أن نلتزم بارتفاع القيمومة أو التولية الّتي جعلها المجتهد للقيّم والمتولي بموته ، فإن القدر المتيقّن من ثبوت‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٣٦ / أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ١.

(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٣ / أبواب صفات القاضي ب ١ ح ٥.

۳۷۹