مع الواقع وجداناً ، بأن يقطع المجتهد مثلاً على أن فتواه السابقة مخالفة للواقع ، وقد ادعي الإجماع على عدم الإجزاء في تلك الصورة وذلك لعدم امتثال الحكم الواقعي وبقائه بحاله.

وقد يكون بقيام حجة معتبرة على الخلاف. وهل يجزي الإتيان بالمأمور به الظاهري عن الواجب واقعاً ، إعادة أو قضاءً أو لا يجزي؟ فيه خلاف ، فقد يقال بالإجزاء مطلقاً وأُخرى يلتزم بعدمه كذلك ، وفصّل الماتن قدس‌سره بين العبادات والمعاملات بالمعنى الأخص أعني العقود والإيقاعات ، وبين غيرهما من الأحكام الوضعية والتكليفية. حيث ذكر في المسألة الثالثة والخمسين :

إذا قلّد من يكتفي بالمرة مثلاً في التسبيحات الأربع ، واكتفى بها أو قلّد من يكتفي في التيمم بضربة واحدة ، ثمّ مات ذلك المجتهد فقلّد من يقول بوجوب التعدد ، لا يجب عليه إعادة الأعمال السابقة. وكذا لو أوقع عقداً أو إيقاعاً بتقليد مجتهد يحكم بالصحة ، ثمّ مات وقلّد من يقول بالبطلان يجوز له البناء على الصحة. نعم ، فيما سيأتي يجب عليه العمل بمقتضى فتوى المجتهد الثاني. وأمّا إذا قلّد من يقول بطهارة شي‌ء كالغسالة ، ثمّ مات وقلّد من يقول بنجاسته فالصلوات والأعمال السابقة محكومة بالصحة وإن كانت مع استعمال ذلك الشي‌ء وأمّا نفس ذلك الشي‌ء إذا كان باقياً فلا يحكم بعد ذلك بطهارته. وكذا في الحلية والحرمة فإذا أفتى المجتهد الأول بجواز الذبح بغير الحديد مثلاً فذبح حيواناً كذلك فمات المجتهد وقلّد من يقول بحرمته ، فإن باعه أو أكله حكم بصحة البيع وإباحة الأكل ، وأمّا إذا كان الحيوان المذبوح موجوداً فلا يجوز بيعه ولا أكله وهكذا.

وحاصله : أن في العقود والإيقاعات وكذلك العبادات ، يجوز للمقلد أن يرتّب آثار الصحة عليهما ولو بحسب البقاء ، بأن يعمل فيهما على فتوى المجتهد السابق وإن علم مخالفتهما للواقع بحسب فتوى المجتهد الّذي قلّده ثانياً ، وهذا بخلاف الأحكام الوضعية أو التكليفية فإن العمل فيهما على فتوى المجتهد السابق يختص بصورة انعدام‌

۳۷۹