والبطلان لم يكن وجه لوجوب الإعادة أو القضاء عليه.

على أن فقهائنا قدس‌سرهم لم يلتزموا بذلك ولم يجروا أحكام المتعمد على الجاهل المقصّر في جملة من الموارد :

منها : ما لو اعتقد زوجية امرأة فوطأها ، فإن المتولّد من ذلك الوطء يلحق بأبيه مع أنه على ذلك زنا في الواقع والمتولد منه ولد زنا. إلاّ أنهم لا يلتزمون بإجراء أحكام الزنا عليه ، ولا يرتّبون على الولد أحكام المتولّد من الزنا.

ومنها : ما لو عقد على امرأة ذات بعل أو معتدةٍ معتقداً عدم كونها كذلك ، فإنهم لم يحكموا بحرمتها عليه مع أنه على ذلك من العقد على المعتدة أو ذات بعل متعمداً.

ومنها : ما لو أفطر في نهار شهر رمضان عن جهل تقصيري ، فانّا لا نلتزم فيه بالكفارة ، مع أن الجاهل المقصّر لو كان كالمتعمد وجبت عليه الكفارة لا محالة.

فمن هذا يستكشف عدم تحقق الإجماع على بطلان عمل الجاهل المقصّر بوجه.

وثانيهما : أن الظاهر المستفاد من قوله عليه‌السلام « لا تعاد الصّلاة ... » (١) أن المكلّف الّذي تترقب منه الإعادة وهو قابل في نفسه ومورد لا يجابها لا تجب عليه الإعادة تفضلاً من الشارع ، فيما إذا كان عمله فاقداً لغير الخمسة المذكورة في الحديث فإن المكلّف الّذي تترقب منه الإعادة بمعنى أن من شأنه أن تجب في حقه ، هو الّذي ينفى عنه وجوبها ولا يكلّف بالإتيان بنفس المأمور به ، وأما من لا تترقب منه الإعادة ولا أن من شأنه أن يكلّف بها ، لأنه مكلّف بإتيان الواقع نفسه فلا معنى للأمر عليه بالإعادة أو ينفى عنه وجوبها بالحديث ، لأنه مأمور بالإتيان بنفس الواجب الواقعي وهذا بخلاف ما لو لم يكن مكلفاً بالواقع والإتيان بنفس المأمور به. ولا يتحقق هذا في غير الناسي بوجه ، لأنه لنسيانه وعدم قدرته على الإتيان بالواجب نفسه قابل للأمر بالإعادة ، ومعه يصح أن ينفى عنه وجوبها عند التفاته إلى عمله فيصح أن يقال : أيها الناسي للسورة في صلاتك أعدها أو لا تعدها تفضلاً.

وأما الجاهل فهو مكلّف بالواجب نفسه فإن الأحكام الواقعية غير مختصة بالعالمين‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ : ٣٨٩ / أبواب السجود ب ٢٨ ح ١.

۳۷۹