العمل استناداً إلى فتوى الغير ، فإذا اقتدى إماماً في صلاته أو قلّد مجتهداً في أعماله ، لم يجر فيهما الترديد بين الداعي والتقييد ، لأنهما أمران خارجيان لا إطلاق لهما ليقيد أو لا يقيد ، فإن العمل عن استناد إلى فتوى الغير وكذلك الاقتداء ، إما أن يكونا مضافين إلى زيد وأما أن يضافا إلى عمرو ، ولا يعقل أن يكون العمل الخارجي تقليداً من شخصين أو اقتداءً لإمامين ، ومعه لا يصح أن يقال إن تقليده أو اقتداءه لو كان على وجه التقييد أي بحيث لو علم أن المجتهد أو المقتدي ليس بعمرو لم يقلّده أو لم يأتم به ، لم يصدر منه تقليد ولا اقتداء ، وذلك لضرورة أنهما متحققان في الخارج سواء أكان على وجه التقييد أم على وجه الداعي. نعم ، اعتقاد أنه زيد من الدواعي الباعثة إلى تقليده أو الاقتداء به فهو من باب تخلّف الداعي والخطأ في مقدمات الإرادة وليس من التقييد بوجه ، وهو نظير ما لو توضأ بالماء معتقداً أنه حلو ثمّ انكشف أنه مرّ فهل يسوغ أن يقال إن وضوءه في المثال لو كان على وجه التقييد أي بحيث لو علم أنه مرّ لم يتوضأ لم يصدر منه الوضوء ، فإنه لو علم بالحال وإن كان لم يتوضأ ، إلاّ أنه قد توضأ على الفرض ولو لجهله بالحال. إذن التفصيل في المقام بين ما إذا كان التقليد على وجه التقييد ، وما إذا كان على وجه الداعي كما صنعه الماتن مما لا محصّل له.

بل الصحيح في أمثال المقام والاقتداء أن يفصّل على وجه آخر وهو أن يقال : إن من قلّده أو ائتم به باعتقاد أنه زيد مثلاً إما أن يكون ممن يجوز تقليده والاقتداء به لمكان علمه وعدالته من غير أن يعلم بالمخالفة بينه وبين زيد في الفتوى وهو أعلم منه ولو إجمالاً ، وإما أن لا يكون كذلك لفسقه أو لعدم عدالته أو للعلم بينهما بالمخالفة. فعلى الأول يصح تقليده واقتداؤه لقابلية من ائتم به أو قلّده للإمامة والتقليد ، وعلى الثاني يحكم ببطلانهما لعدم أهلية من قلّده أو ائتم به لهما ، ومعه يندرج المقام في كبرى المسألة الآتية أعني ما لو قلّد من ليس له أهلية الفتوى ويأتي فيه ما سنذكره في تلك المسألة إن شاء الله.

نعم ، إذا لم تكن في صلاة المأموم زيادة ركنية ولم تكن صلاته فاقدة إلاّ لمثل القراءة ونحوها كانت صلاته محكومة بالصحة لحديث لا تعاد ، فما ذكرناه من التفصيل يختص بما إذا اشتملت صلاته على زيادة ركنية ونحوها مما تبطل به الصلاة ، كما إذا شكّ بين‌

۳۷۹