يستتبع الحكم بأن من ليس بعادل فهو فاسق ، وذلك لوضوح أن من لم يرتكب بعد بلوغه شيئاً من المعاصي والمحرمات ، ولم يحصل له أيضاً ملكة العدالة فهو ليس بعادل ولا بفاسق. أما أنه ليس بعادل فلأجل عدم تحصيله الملكة على الفرض ، وأما عدم كونه فاسقاً فلأن الفسق يتوقف على ارتكاب المعصية ، بل اشترط بعضهم أن تكون المعصية من الكبائر ولو كانت هي الإصرار على الصغائر ، ومع عدم ارتكاب شي‌ء من المعاصي لا موجب للفسق أبداً ، وعليه فهب أن المتجري ليست له ملكة العدالة وأنه ليس بعادل فرضاً ، إلاّ أنه لا مقتضي للحكم بفسقه مع عدم صدور فسق منه على الفرض.

الثالث : أن الوجه في ذلك أن التعلّم واجب نفسي فتركه يستلزم الفسق وإن لم يبتل المكلف بمسائل الشك والسهو أصلاً.

ويندفع بأن الشيخ قدس‌سره لا يلتزم بالوجوب النفسي في التعلّم ، وإنما يراه واجباً بالوجوب الطريقي الّذي لا يترتب على مخالفته إلاّ التجري لا الفسق.

الرابع : وهو أنسب الوجوه المذكورة في المقام أن يقال : إن التجري وإن لم يكن محرّماً في الشريعة المقدسة ، إلاّ أن المتجري لا يمكن الحكم بعدالته لأن العدالة كما تقدمت هي الاستقامة في جادة الشرع ، وكون الحركة بإذن الشارع وترخيصه فالعادل هو الّذي لا يقدم على عمل لم يرخّص فيه الشارع. ومن الظاهر أن التجري بترك التعلّم وإن لم يكن محرّماً لعدم وجوبه النفسي على الفرض ، إلاّ أنه غير مرخّص فيه من قبله فالإقدام عليه إقدام على ما لم يرخّص فيه الشارع ، ولا يطلق على المتجري والمرتكب لما لم يأذن به الله عنوان الصالح أو الخيّر ، ولا يعدّ من الموثوقين بدينه وكيف يوثق بدينه وهو لا يبالي بالدين ولا يعتني باحتمال مخالفة الله وعصيانه كما لا يصدق عليه غير ذلك من العناوين الواردة في الروايات.

وكذا الحال في غير المقام من موارد التجري وعدم كون الفعل مرخّصاً فيه من الله كما إذا ارتكب أحد الفعلين المعلومة حرمة أحدهما ، فإن شرب ما في أحد الإناءين مع العلم الإجمالي بحرمته وإن لم يكن محرّماً شرعياً ، لاحتمال إباحته وكون المحرّم هو الآخر ، إلاّ أنه غير مرخّص فيه من قبل الشارع ، وكذا إذا علم بنجاسة أحد ثوبيه‌

۳۷۹