لامتثله امتثالاً جزمياً وحيث لا يعلم به فيمتثله امتثالاً احتمالياً.

وقد يكون مقدمة وجودية للواجب لا إحرازية كما في الصورة المتقدمة بمعنى أنه لو لم يتعلّم الواجب قبل دخول وقته أو قبل تحقق شرطه لم تكن له أي قدرة على الإتيان بالمكلف به بعد فعلية أمره بدخول وقته أو بتحقق شرطه ، وهذا كما إذا فرضنا جاهلاً لا يتمكن من الصلاة بعد دخول وقتها إلاّ أن يتعلمها قبل دخوله لاشتمالها على القراءة وغيرها مما لا مناص من أن يتعلمه الجاهل باللغة قبل حصول شرط الواجب أو دخول وقته.

أما القسم الأول : فلا ينبغي التأمل في أن من علم أو احتمل ابتلاءه بالواجب بعد دخول وقته أو حصول شرطه في الأزمنة المستقبلة وجب أن يتعلمه قبلهما لوجوب امتثاله عليه في ظرفه ، ولا يمكنه إحراز ذلك إلاّ بالتعلم قبلهما. إذن فالعقل يستقل بلزوم التعلم قبل مجي‌ء وقت الواجب أو فعلية شرطه لوجوب دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب ، ولا يحصل الأمن إلاّ بالتعلم قبلهما فوجوب التعلم قبل وقت الواجب أو حصول شرطه مما لا إشكال فيه في هذا القسم.

وإنما الإشكال في وجوب التعلم قبلهما في القسم الأخير وذلك لأن المكلف بعد دخول وقت الواجب أو حصول شرطه غير مكلّف بالعمل لعجزه ، ولا شبهة في أن القدرة من شرائط الخطاب والتكليف ، كما أنه غير مكلّف به قبل مجي‌ء وقت الواجب أو حصول شرطه ، ومع عدم وجوب ذي المقدمة لا معنى للحكم بوجوب التعلم من باب المقدمة.

وتوضيحه : أن القدرة المعتبرة في التكاليف قد تكون دخيلة في الملاك كما أنها دخيلة في الخطاب ، بحيث لا يبقى أي ملاك عند عدمها. وقد تكون دخيلة في الخطاب من غير أن تكون دخيلة في الملاك ، بحيث يبقى العمل مشتملاً على الملاك والغرض الملزم في كلتا حالتي العجز والتمكن وإن كان الخطاب ساقطاً مع العجز.

ولا ينبغي التأمل في وجوب التعلم قبل مجي‌ء وقت الواجب أو حصول شرطه في الصورة الثانية ، وذلك لأن تركه حينئذٍ مفوّت للملاك الملزم في ظرفه وتفويت الملاك كتفويت الواجب والخطاب قبيح لدى العقل وموجب لاستحقاق العقاب عليه ، فإن‌

۳۷۹