إحداهما : مرسلة يونس بن عبد الرحمن المتقدمة (١) « إذا كان ظاهره مأموناً جازت شهادته ». نظراً إلى أن كون الظاهر مأموناً بمعنى كونه مطابقاً للواقع فحسن الظاهر إنما يكشف عن العدالة إذا حصل لنا الوثوق بكونه مطابقاً للواقع ، وهذا معنى كشف الظاهر عن الملكة علماً أو ظنا.

وثانيتهما : ما رواه الكليني بإسناده عن أبي علي بن راشد قال : « قلت لأبي جعفر عليه‌السلام إن مواليك قد اختلفوا فأُصلي خلفهم جميعاً؟ فقال : لا تصل إلاّ خلف من تثق بدينه » (٢) وفي رواية الشيخ « إلاّ خلف من تثق بدينه وأمانته ». لدلالتها على عدم جواز الصلاة إلاّ خلف من يوثق بدينه ، ومعه لا يكون حسن الظاهر كاشفاً عن العدالة إلاّ إذا علمنا أو ظننا كونه مطابقاً للواقع وإلاّ كيف يحصل الوثوق بدينه.

ولا يمكن المساعدة على شي‌ء من الروايتين.

أما الرواية الأُولى فلأنها ضعيفة السند بإرسالها ، وقاصرة الدلالة على المدعى حيث إن المأمونية جعلت وصفاً لظاهر الرجل ، ومعنى ذلك أن يكون ظاهره ظاهراً موثوقاً به بأن يرى عاملاً بالوظائف الشرعية مرتين أو ثلاثاً أو أكثر ليظهر حسن ظاهره وعدم ارتكابه المعاصي والمحرمات ، فإن ذلك لا يظهر برؤيته كذلك مرة واحدة. وليست المأمونية صفة لواقعة كي نطمئن أن ظاهره مطابق للواقع وغير متخلف عنه.

وأما الرواية الثانية فلأنها أيضاً ضعيفة السند بسهل بن زياد الواقع في كلا طريقي الكليني والشيخ ، وما ذكره بعضهم من أن الأمر في سهل سهل ليس بشي‌ء ، بل الأمر في سهل ليس بسهل على ما مرّ منا غير مرّة فلاحظ. وبمضمون هذه الرواية روايتان تركنا التعرض لهما لضعفهما من حيث السند. كما أنها قاصرة الدلالة على المدعى ، إذ المراد بالوثوق بدين الرجل هو أن يكون الإمام ، إمامياً اثنى عشرياً للروايات المانعة عن الصلاة خلف المخالفين ، وفي بعضها أنهم عنده عليه‌السلام بمنزلة الجدر (٣) ولم‌

__________________

(١) راجع ص ٢١٩.

(٢) وسائل الشيعة ٨ : ٣٠٩ / أبواب صلاة الجماعة ب ١٠ ح ٢.

(٣) وسائل الشيعة ٨ : ٣٠٩ / أبواب صلاة الجماعة ب ١٠ ح ١.

۳۷۹