يضر ارتكابها إذا ندم وتاب ، وهذا مما لا سبيل لنا إلى إحرازه ، ومن المحتمل أن يرتكب فاعل الصغيرة الكبيرة أيضاً بعد ذلك ، ومعه لا عفو عن الصغيرة ، إذن يكون الصغائر كالكبائر مانعة عن العدالة.

لا يقال : إن استصحاب عدم ارتكابه الكبائر طيلة حياته هو المحقق لشرط العفو عن الصغائر وهو المثبت لعدالته.

فإنه يقال : إن استصحاب عدم الارتكاب إنما يفيد في إحراز عدم ارتكابه المحرمات وأما الواجبات إذا شككنا مثلاً أنه يخمّس أو لا يخمّس أو يصلي أو يحج أو غير ذلك من الواجبات ، فاستصحاب العدم ينتج العكس لاقتضائه عدم الإتيان بالواجبات إذن لا سبيل لنا إلى إحراز أن الرجل لا يرتكب الكبائر ، ومع عدم إحرازه لا يمكن التمسك بالعموم لأنه من الشبهات المصداقية حينئذٍ.

الثالث : ما ذكره المحقق الهمداني قدس‌سره حيث إنه بعد ما ذهب إلى أن العدالة هي الاستقامة في جادة الشرع ، وأن ارتكاب المعصية خروج عن جادته ولم يفرّق في ذلك بين الكبائر والصغائر ، فصّل في الصغائر بين ما كان صدورها عن عمد والتفات تفصيلي إلى حرمتها ، فإنها حينئذٍ كالكبائر فادحة في العدالة ، وبين ما إذا صدرت لا عن التفات إلى حرمتها كما إذا صدرت غفلة أو لعذر من الأعذار العرفية ، وذكر أنها غير قادحة في العدالة وقتئذٍ.

وحاصل ما ذكره في تقريبه موضّحاً : أن ارتكاب الصغائر قد يكون مع العمد والالتفات إلى حرمتها وكونها معصية من دون أن يكون هناك أي عذر من الأعذار العرفية من خجل أو حياء ونحوهما ، ولا شبهة أنه حينئذٍ يوجب الفسق والانحراف عن جادة الشرع فهو مناف للاستقامة فيها. وقد يكون ارتكابها مستنداً إلى عدم الالتفات إلى حرمتها حال الارتكاب ، لأن الذنوب الّتي ليست في أنظار الشرع كبيرة قد يتسامحون في أمرها فكثيراً ما لا يلتفتون إلى حرمتها ، أو يلتفتون إليها إلاّ أنهم يكتفون في ارتكابها بأعذار عرفية مسامحة كترك الأمر بالمعروف ، والخروج عن مجلس الغيبة ونحوها حياءً ، أو لاستدعاء صديق ونحوها مع كونهم كارهين لذلك في نفوسهم ، والظاهر عدم كون مثل ذلك منافياً لاتصافه بالفعل عرفاً بكونه من أهل‌

۳۷۹