على انسداد باب العلم والعلمي ووجوب العمل بالظن على الكشف أي أن العقل يستكشف حينئذٍ أن الشارع قد اعتبر الظن حجة وطريقاً إلى أحكامه أو على الحكومة بكلا معنييها أعني استقلال العقل بوجوب العمل بالظن حال الانسداد كاستقلاله بوجوب العمل بالقطع حال الانفتاح ، أو تنزله من لزوم الامتثال الجزمي إلى كفاية الامتثال الاحتمالي ، فهل يسوغ تقليده في تلك الصورة أو لا؟

قد يقال كما عن صاحب الكفاية قدس‌سره بعدم الجواز ، وذلك أما على الحكومة فلأجل أن المجتهد على هذا المسلك جاهل بالأحكام وهو معترف بجهله وهل يرجع الجاهل إلى جاهل مثله؟ ومقدمات الانسداد إنما تتم عند المجتهد لا العامّي ، لأن من إحدى مقدماته انحصار الطريق بالظن ، ولا ينحصر طريق الامتثال للعامّي به ، إذ له أن يرجع إلى فتوى المجتهد الباني على الانفتاح.

وكذلك الحال على تقدير انحصار المجتهد بمن يرى الانسداد لتمكن العامّي من الاحتياط وإن بلغ العسر والحرج ، فإن العامّي لا قدرة له على إبطال الاحتياط المستلزم لهما فلا ينحصر الطريق في حقه بالظن ، اللهُمَّ إلاّ أن يتمكن العامّي من إبطال الاحتياط إذا كان مستلزماً للحرج وهذا دونه خرط القتاد ، أو يكون الاحتياط موجباً لاختلال النظام فإن العقل يستقل معه بعدم الجواز ، وهذا بخلاف المجتهد إذ لا يجوز له أن يرجع إلى الغير الّذي يرى خطأه وجهله بالأحكام ، وهو متمكن من ابطال وجوب العمل بالاحتياط أو جوازه ، هذا كلّه على الحكومة.

وكذلك الأمر على الكشف فإن المجتهد وإن كان يرى نفسه عالماً بالأحكام الشرعية إلاّ أن حجية الظن المستكشفة بمقدمات الانسداد إنما تختص بمن تمت عنده المقدمات ولا تتم إلاّ عند المجتهد دون العامّي ، لما عرفت من أن الطريق في حقه غير منحصر بالظن لتمكنه من تقليد المجتهد الباني على الانفتاح كتمكنه من العمل بالاحتياط (١).

والصحيح عدم الفرق في جواز التقليد بين المجتهد القائل بالانسداد والقائل بالانفتاح ، وذلك لأن القائل بالانسداد قد يكون أعلم من المجتهد الباني على الانفتاح‌

__________________

(١) كفاية الأُصول : ٤٦٤.

۳۷۹