مقبلاً (*) على الدنيا وطالباً لها مكبّاً عليها مجدّاً في تحصيلها ففي الخبر : من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه (١).


١١ ـ أن لا يكون مقبلاً على الدنيا‌

(١) الظاهر أنه قدس‌سره يريد بذلك اعتبار أمر آخر زائداً على شرطية العدالة لأن اشتراط تلك الأُمور لو كان راجعاً إلى شرطية العدالة لم يكن وجه لتكرارها وكان ذكرها مستدركاً لا محالة ، وقد استند في ذلك على رواية الاحتجاج المتقدِّمة (١).

ويدفعه : ما تقدم من أن الرواية ضعيفة السند ، مضافاً إلى أنها قاصرة الدلالة على المدعى فإنه لا مساغ للأخذ بظاهرها وإطلاقها ، حيث إن لازمه عدم جواز الرجوع إلى من ارتكب أمراً مباحاً شرعياً لهواه ، إذ لا يصدق معه أنه مخالف لهواه لأنه لم يخالف هواه في المباح ، وعليه لا بدّ في المقلّد من اعتبار كونه مخالفاً لهواه حتى في المباحات ومَن المتصف بذلك غير المعصومين عليهم‌السلام فإنه أمر لا يحتمل أن يتصف به غيرهم ، أو لو وجد فهو في غاية الشذوذ ، ومن ذلك ما قد ينسب إلى بعض العلماء من أنه لم يرتكب مباحاً طيلة حياته ، وإنما كان يأتي به مقدمة لأمر واجب أو مستحب ، إلاّ أنه ملحق بالمعدوم لندرته. وعلى الجملة إن أُريد بالرواية ظاهرها وإطلاقها لم يوجد لها مصداق كما مرّ. وإن أُريد بها المخالفة للهوى فيما نهى عنه الشارع دون المباحات فهو عبارة أُخرى عن العدالة وليس أمراً زائداً عليها ، وقد ورد « أن ورع الناس من يتورع عن محارم الله » (٢) ومع التأمل في الرواية يظهر أن المتعيّن هو‌

__________________

(*) على نحو يضر بعدالته.

(١) راجع ص ١٨٤.

(٢) فضل بن عياض عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : من الورع من الناس؟ قال : الّذي يتورع عن محارم الله ... وفي مرفوعة أبي شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أورع الناس من وقف عند الشبهة ... المرويتان في وسائل الشيعة ٢٧ : ١٦٢ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٢٩ ، ٣٠.

۳۷۹