سرّه ) من أكابر الفقهاء وأعلامهم. إذن الحسنة والمقبولة متطابقتان في الدلالة على أن القاضي لا بدّ أن يكون عارفاً بجملة معتد بها من الأحكام ، وهذا غير متحقق في المجتهد المتجزي الّذي استنبط مسألة أو مسألتين ونحوهما.

ويرد عليه : أن الشي‌ء من الأمر الكثير وإن كان ظاهراً فيما هو كثير في نفسه إلاّ أن الوارد في الرواية على طريق الكليني (١) والصدوق (٢) قدس‌سرهما « من قضائنا » وعلى طريق الشيخ في التهذيب (٣) « من قضايانا » فمن المحتمل أن يكون الصحيح المطابق للواقع نسختي الكافي والفقيه أعني « من قضائنا » ومعه لا دلالة للرواية على إرادة معرفة الكثير من أحكامهم ، فإن القضاء بمعنى الحكم في مقام الترافع وأحكامهم الواصلة إلينا في الترافع والخصومات ، ليست بكثيرة في نفسها ليقال إن الشي‌ء من الكثير أيضاً كثير في نفسه بل هي أحكام قليلة. إذن تدلنا الرواية على أن معرفة حكم أو حكمين في موارد الترافع أيضاً تكفي في صحة القضاء ، لأنه أيضاً شي‌ء من أحكامهم.

على أن الرواية على طريق الشيخ ضعيفة لوقوع معلى بن محمد في سندها وهو ضعيف ، وكذا على طريق الكليني قدس‌سره. نعم ، هي على طريق الصدوق حسنة لأنه رواها بإسناده عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة. وفي طريقه إلى ابن عائذ الحسن بن علي الوشاء وهو ممدوح ، وقد عرفت أنها مشتملة على « قضائنا » فلم يثبت اشتمال الرواية على « قضايانا » في نفسه. ولا شبهة في أن « شيئاً من قضائنا » يصدق على القليل أيضاً كما تقدم ، هذا كلّه مع قطع النظر عن وقوع معلى بن محمد والحسن بن علي الوشاء في أسانيد كامل الزيارات وإلاّ فهما موثقان بتوثيق ابن قولويه ، فطريق الشيخ والكليني أيضاً صحيح كما أن الرواية صحيحة لا أنها حسنة كما مرّ. فالحسنة معارضة للمقبولة ، وهي غير معتبرة في موردها فضلاً عن أن تدل على عدم جواز الرجوع إلى المتجزي في الاجتهاد.

__________________

(١) الكافي ٧ : ٤١٢ / باب كراهية الارتفاع إلى قضاة الجور ح ٤.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢ / أبواب القضايا والأحكام ب ١ ح ١.

(٣) تهذيب الأحكام ٦ : ٢١٩ / ٥١٦.

۳۷۹