أعلميته أو يحتملها حجة تعيينية ، وقد عرفت أن العقل مستقل بلزوم الأخذ بما يحتمل تعينه للعلم بأنه معذّر على كل حال ولا علم بمعذّرية الآخر ، هذا كلّه فيما إذا علم المكلف باختلافهما أو اختلافهم في الفتوى علماً تفصيلياً أو إجمالياً مع العلم باختلافهما في الفضيلة.

وأما لو علم بالاختلاف ، ولم يعلم اختلافهما في الفضيلة فلا بدّ أيضاً من الفحص لعين ما مرّ في الصورة المتقدمة. وإذا لم يميّز الأعلم إما لعدم تمكنه من الفحص أو لأنه فحص ولم يظفر به فإن كان متمكناً من الاحتياط وجب كما عرفت ، وإلاّ تخير. اللهُمَّ إلاّ أن يظن بالأعلمية أو احتملها في أحدهما المعيّن أو أحدهم ، لأن المتعيّن حينئذٍ هو الأخذ بفتوى من ظن أو احتمل أعلميته لما مرّ ولا نعيده.

ولا يصح في هذه الصورة التمسك باستصحاب عدم أعلمية أحدهما عن الآخر نظراً إلى القطع بعدمها قبل أن يصل مرتبة الاجتهاد ، فإذا شككنا في انقلابه واتصافه بالأعلمية بعد الاجتهاد استصحبنا عدمها وبه نثبت التخيير حتى مع الظن بالأعلمية أو احتمالها في أحدهما.

وذلك لأن معنى هذا الاستصحاب أن من ظن أو احتمل أعلميته لم يحصّل قوة زائدة على قوة الآخر ، وهذا كما ترى معارض باستصحاب عدم تحصيل الآخر قوة تساوي قوة من ظنت أو احتملت أعلميته. على أنه لا يثبت به التساوي ، ومعه لا يمكن الحكم بالتخيير بينهما لأن موضوعه التساوي الغير المحرز في المقام.

وأما لو علم باختلافهما في الفضيلة على نحو الإجمال ولم يعلم اختلافهما في الفتوى ، أو لم يعلم اختلافهما أصلاً لا في الفضيلة ولا في الفتوى فلا يجب الفحص فيهما عن الأعلم لعدم وجوب تقليده. بل يتخيّر المكلف بينهما ، فإن مقتضى إطلاق الأدلة حجية فتوى كل من الأعلم وغير الأعلم. ودعوى أن ذلك من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية قد قدّمنا الجواب عنها عند التكلم على وجوب تقليد الأعلم فراجع.

۳۷۹