الشرعية وما اعتبر فيها من القيود والشروط ، ولم يبيّنوها بقيودها وخصوصياتها في مجلس واحد مراعاة للتقية ومحافظة على أنفسهم وتابعيهم عن القتل أو غيره من الأذى أو لغير ذلك من المصالح ، ومن هنا ترى أن العام يصدر من إمام والمخصص من إمام آخر ، أو أن حكماً يصدر من أحدهم عليهم‌السلام فيصدر منه نفسه أو من إمام آخر خلافه ، ومع العلم بحال المتكلم وديدنه لا تجري في كلامه أصالة عدم القرينة قبل الفحص ، أو أنها لو جرت وانعقد لكلامه ظهور في نفسه لم تجر فيه أصالة حجية الظهور الّتي هي أصل عقلائي لاختصاصها بما إذا لم تجر عادة المتكلم على التدرج في بيان مراداته ومقاصده ، ومع عدم جريانها لا يعتمد على ظواهر كلامه لعدم حجيتها حينئذٍ.

ثانيهما : العلم الإجمالي بأن العمومات والمطلقات الواردتين في الكتاب والسنّة قد ورد عليهما مقيدات ومخصصات كثيرة ، حتى ادعي أن الكتاب لا يوجد فيه عام لم يرد عليه تخصيص ، فلأجل ذلك وجب الفحص عن المنافيات حتى يخرج المورد عن الطرفية للعلم الإجمالي بالتخصيص والتقييد.

وهذان الوجهان كما ترى لا يأتي شي‌ء منهما في المقام : أما مسألة جريان عادة المتكلم على عدم بيان القيود والخصوصيات الدخيلة في حكمه في مجلس واحد فلأجل أنه لا موضوع لها في المقام ، حيث إن فتوى أحد المجتهدين ليست مبينة ومقيدة أو حاكمة على فتوى المجتهد الآخر بل فتوى كل منهما تصدر عن اجتهاده ونظره ولا ربط لإحداهما إلى الأُخرى بوجه.

وأما العلم الإجمالي بالتقييد ، فلأنه ليس هناك أي علم إجمالي بالمخالفة في الفتوى بين المجتهدين لاحتمال موافقتهما بل قد يقطع بها كما في أكثر العوام لاعتقادهم أن الشريعة واحدة فلا اختلاف في أحكامها وفتاوى المجتهدين ، أو لو فرضنا أن الخواص قد علموا بينهما بالمخالفة ولو على سبيل الإجمال وفي بعض الموارد ، فليس لهم علم بالمخالفة في المسائل الّتي هي مورد الابتلاء ، والمراد بالمخالفة ما قدّمناه وهو أن يكون فتواهما متنافيتين مع كون فتوى غير الأعلم مخالفة للاحتياط وهي مما لا علم به ولو إجمالاً ومع عدم جريان شي‌ء من الوجهين في المقام لا مقتضي لوجوب الفحص‌

۳۷۹