١ ـ في دلالة فعل المعصوم (١) ، المجرّد عن القرائن على أكثر من إباحة الفعل. فقد قال بعضهم : «إنّه يدلّ بمجرّده على وجوب الفعل بالنسبة إلينا» (٢). وقيل : «يدلّ على استحبابه» (٣). وقيل : «لا دلالة له على شيء منهما ، أي إنّه لا يدلّ على أكثر من إباحة الفعل في حقّنا» (٤).

والحقّ هو الأخير ؛ لعدم ما يصلح أن يجعل له مثل هذه الدلالة.

وقد يظنّ ظانّ أنّ قوله (تعالى) في سورة الأحزاب ﴿لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ (٥) يدلّ على وجوب التأسّي والاقتداء برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أفعاله. ووجوب الاقتداء بفعله يلزم منه وجوب كلّ فعل يفعله في حقّنا وإن كان بالنسبة إليه لم يكن واجبا ، إلاّ ما دلّ الدليل الخاصّ على عدم وجوبه في حقّنا (٦).

وقيل : «إنّه إن لم تدلّ الآية على وجوب الاقتداء فعلى الأقلّ تدلّ على حسن الاقتداء ، به واستحبابه» (٧).

وقد أجاب العلاّمة الحلّيّ قدس‌سره عن هذا الوهم ، فأحسن ـ كما نقل عنه ـ ، إذ قال : «إنّ الأسوة : عبارة عن الإتيان بفعل الغير ؛ لأنّه فعله على الوجه الذي فعله ، فإن كان واجبا تعبّدنا بإيقاعه واجبا ، وإن كان مندوبا تعبّدنا بإيقاعه مندوبا ، وإن كان مباحا تعبّدنا

__________________

(١) أي فعل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عند العامّة ، وفعله وفعل فاطمة والأئمّة عليهم‌السلام عند الإماميّة.

(٢) هذا منسوب إلى جماعة من المعتزلة وابن سريج ، وأبي سعيد الاصطخري ، وابن خيران ، وابن أبي هريرة من العامّة. راجع إرشاد الفحول : ٣٦ ؛ الإحكام (للآمدي) ١ : ٢٤٨.

ونسبه الشيخ الطوسيّ إلى مالك وأصحابه ، وطائفة من الشافعيّة ، فراجع العدّة ٢ : ٥٧٥.

(٣) من القائلين به المحقّق القميّ ، وصاحب الفصول. راجع قوانين الأصول ١ : ٤٩٠ ، والفصول الغرويّة : ٣١٣. وهذا القول قد ينسب إلى الشافعي ، كما في إرشاد الفحول : ٣٧ ، ونهاية السئول ٣ : ١٦ ، والإحكام (للآمدي) : ١ : ٢٤٨.

(٤) وهذا منسوب إلى مالك من العامّة. راجع الإحكام (للآمدي) ١ : ٢٤٨ ؛ نهاية السئول ٣ : ١٦ ـ ١٧ ؛ مبادئ الوصول : ١٦٨.

(٥) الأحزاب (٣٣) الآية : ٢١.

(٦) هذا ما ظنّه القائلون بدلالة فعل المعصوم على وجوب الفعل بالنسبة إلينا.

(٧) هذا ما قال به صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ٣١٣.

۶۸۸۱